(وَاحْذِفْهُمَا) احذف هذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب نعم لغةً وشرعًا يقتضي الوجوب، قال: احذف يعني: يحب تفهم أن الحكم واجب لكونه أتى بصيغة افْعَل وهذا في لسان، ولذلك قالوا: إذا قال السيد لعبده: ائت بماءٍ. فلم يأت فعاقبه لا يقال لِمَ عاقبته؟ أليس كذلك؟ هذا الأصل، انتفاء العقوبة هذا يكون فرعًا لكن هذا هو الأصل، إذًا (وَاحْذِفْهُمَا) إذًا يجب الحذف، حذف ماذا؟ الواو والياء المحركين من المضارع المختوم بأحدهما ... (وَاحْذِفْهُمَا فِي جَمْعِهِ) يعني: في حال جمعه، هل يجمع الفعل المضارع؟ مراد به إذا أسند إلى واو الجماعة، حينئذٍ تحذف الواو وتحذف الياء، ... (وَاحْذِفْهُمَا) أي: الواو والياء متى؟ إذا كان محركين في طرف مضارعٍ، (فِي جَمْعِهِ) مراد بالجمع هنا إسناد المضارع لواو جمعٍ الذكور، فحينئذٍ غَزَا يَغْزُو قلنا: يَغْزُو أليس ذلك؟ سَكَنَتِ الواو لِمَا سبق، إذا أردت جمعه بواو أسندته إلى واو الجماعة حينئذٍ يَغْزُوُون جاء عندنا ماذا؟ جاء عندنا واوان قال (وَاحْذِفْهُمَا) إذًا تحذف الواو التي هي لام الكلمة لماذا؟ لأن الواو التي واو الجمع ساكنة، والواو التي هي لام الكلمة عرفنا أنها ساكنة، إذًا يَغْزُو الواو ساكنة فإذا جاءت واوٌ أخرى بعدها اتصل الفعل بواو الجماعة التقى عندنا ساكنان الواو الأولى التي هي لام الكلمة من يَغْزُو، والواو الثانية التي هي فاعل الكلمة حينئذٍ نقول: نحذف الأولى التقى ساكنان فحذفنا الأولى يَغْزُونَ، الواو هذه فاعل، وأما لام الكلمة فهي محذوفةٌ.
إذًا يَغْزُونَ، كذلك يَرْمُونَ أصلها يَرْمِيُونَ استثقلت الضمة على الياء فحينئذٍ نقول: سقطت فالتقى ساكنان الياء والواو فحذفت الياء، ثم قلبت كسرة الميم ضمةً لمناسبة الواو يَرْمُون، والأصل أنها لا، أنها تبقى هذا الأصل، يعني: إذا حذفت الياء لا بد من دليلٍ يدل عليها، لأنه لا يجوز حذف حرفٍ إلا بشرطين:
الأول: أن يكون حرف علة.
والثاني: أن يدل دليلٌ قبله. بمعنى إذا كان المحذوف ياء وجب أن يكسر ما قبل الياء، لا تحذف الياء إلا إذا وُجِدَ دليلٌ يدل عليها بعد حذفها، فإذا حذفت الياء وجب أن يكون ما قبلها مكسورًا، فيبقى مكسورًا ولا يتغير، هذا الأصل، وإذا حذفت الألف وجب أن يبقى ما قبلها مفتوحًا ولا يجوز تغييره، وكذلك الشأن في الواو أن يبقى ما قبلها مضمومًا.