المرجوّ إسلامهم وهم من في آية {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم} (الأنعام، 51) والثالثة: المطيعون وهم من في آية {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} (الأنعام، 52) والرابعة: الداخلون في الإسلام لكنهم لا يحفظون حدوده وهم من في آية {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا} (الأنعام، 54) {نفصل الآيات} أي: نبين آيات القرآن في صفة المطيعين والمجرمين المصرين منهم والأوّابين {ولتستبين سبيل} أي: طريق {المجرمين} قرأ أبو بكر وشعبة وحمزة والكسائي بالياء بعد اللام على التذكير أي: وليظهر ويتضح سبيل المجرمين يوم القيامة إذا صاروا في النار والباقون بالتاء على الخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم أي: وليظهر لك الحق يا محمد ويتبين لك سبيلهم فتعامل كلاً منهم بما يحق له، وقرأ نافع سبيل بنصب، اللام، والباقون بالرفع.

{قل} يا محمد لهؤلاء المشركين {إني نهيت أن أعبد الذين تدعون} أي: تعبدون {من دون الله} وهي الأصنام التي يعبدونها أو ما تدعونها آلهة أي: تسمونها لأنّ الجمادات أخس من أن تدعى وقوله تعالى: {قل لا أتبع أهواءكم} تأكيد لقطع أطماعهم وبيان لمبدأ ضلالهم وأنّ ما هم عليه هوى وليس بهدى {قد ضللت إذاً} أي: إن اتبعت أهواءكم فأنا ضال {وما أنا من المهتدين} أي: وما أنا من المهديين في شيء أي: لأنكم كذلك.

{قل إني على بينة} أي: بيان {من ربي} أي: معرفة وإنه لا معبود سواه {و} قد {كذبتم به} أي: بربي حيث أشركتم به غيره {ما عندي ما تستعجلون به} أي: العذاب الذي استعجلوه بقولهم: فأمطر علينا حجارة من السماء {إن} أي: ما {الحكم} في ذلك وغيره {إلا الله} فهو يفصل بين المختلفين ويقضي بإنزال العذاب متى شاء {يقص الحق} قرأ نافع وابن كثير وعاصم بضم القاف وصاد مهملة مشدّدة مع الرفع ومعناه: يقول الحق، لأن كل ما أخبر به فهو حق، والباقون بسكون القاف وضاد معجمة مخففة مع الكسر أي: إنه تعالى يقضي القضاء الحق {وهو خير الفاصلين} أي: الحاكمين {قل} لهم {لو أنّ عندي} أي: في قدرتي ومكنتي {ما تستعجلون به} أي: من العذاب {لقضي الأمر بيني وبينكم} أي: لانفصل ما بيني وبينكم بأن أهلككم عاجلاً بما تستعجلون به من العذاب غضباً لربي ولكنه عند الله تعالى {وا أعلم بالظالمين} أي: ما تستحقونه من العذاب والوقت الذي يستحقون فيه.

{وعنده} سبحانه وتعالى {مفاتح الغيب} أي: خزائنه جمع مفتح بفتح الميم وهو المخزن أو ما يتوصل به إلى المغيبات مستعار من المفاتيح الذي هو جمع مفتح بالكسر وهو المفتاح {لا يعلمها إلا هو} وهي الخمسة التي في قوله: {إنّ الله عنده علم الساعة} (لقمان، 34) الآية كما رواه البخاري فيعلم أوقاتها وما في تعجيلها وتأخيرها من الحكم فيظهرها على ما اقتضته حكمته وتعلقت به مشيئته وفيه دليل على أنه تعالى يعلم الأشياء قبل وقوعها {ويعلم ما} يحدث {في البر والبحر} قدّم البر لأنّ الإنسان أكثر ملابسة له بما فيه من القرى والمدن والمفاوز والجبال والحيوان والنبات والمعادن وغير ذلك، وأخر البحر لأنّ إحاطة العقل بأحواله أقل، وقال مجاهد: البر: المفاوز والقفار، والبحر: القرى والأمصار التي على الأنهار وقوله تعالى: {وما تسقط من ورقة} أي: ورقة من يد {إلا يعلمها} مبالغة في إحاطة علمه تعالى بالجزئيات، وقوله تعالى: {ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس} عطف على ورقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015