وقيل: يسمعون القرآن وغيره فيتبعون القرآن وقيل: يسمعون أوامر الله تعالى فيتبعون أحسنها نحو القصاص والعفو قال تعالى: {وأن تعفوا أقرب للتقوى} (البقرة: 237)

وعن ابن عباس: هو الرجل يجلس مع القوم فيسمع الحديث فيه محاسن ومساوىء فيحدث بأحسن ما يسمعه ويكف عما سواه. وروي عن ابن عباس آمن أبو بكر بالنبي صلى الله عليه وسلم فجاءه عثمان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد فسألوه فأخبرهم بإيمانه فآمنوا فنزل فيهم {فبشر عبادي} الآية.

{أولئك} أي: العالو الهمة والرتبة {الذين هداهم الله} بما له من صفات الكمال لدينه {وأولئك أولو الألباب} أي: أصحاب العقول السليمة عن منازعة الوهم والعادة، وقال أبو زيد: نزل {والذين اجتنبوا الطاغوت} (الزمر: 17)

الآيتين في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يقولون لا إله إلا الله زيد بن عمرو وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي والأحسن لا إله إلا الله.

وفي هذه الآية لطيفة وهي: أن حصول الهداية في العقل والروح حادث فلا بد من فاعل وقابل، فأما الفاعل: فهو الله تعالى وهو المراد من قوله تعالى: {أولئك الذين هداهم الله} وأما القابل فإليه الإشارة بقوله تعالى: {وأولئك هم أولو الألباب} فإن الإنسان ما لم يكن عاقلاً كامل الفهم امتنع حصول هذه المعارف الحقيقية في قلبه.

واختلف في معنى قوله تعالى:

{أفمن حق} وأسقط تاء التأنيث الدالة على اللين تأكيداً للنهي عن الأسف عليهم {عليه كلمة العذاب} فقال ابن عباس معنى الآية من سبق في علم الله أنه في النار، وقيل: كلمة العذاب قوله تعالى: {لأملأن جهنم} (الأعراف: 18)

الآية وقيل: قوله تعالى: «هؤلاء للنار ولا أبالي» وقوله تعالى {أفأنت تنقذ} أي: تخرج {من في النار} جواب الشرط وأقيم فيه الظاهر مقام الضمير إذ كان الأصل أفأنت تنقذه، وإنما وقع موقعه شهادة عليه بذلك، والهمزة للإنكار والمعنى: لا تقدر على هدايته فتنقذه من النار وقال ابن عباس: يريد أبا لهب وولده ويجوز أن تكون من موصولة في محل رفع بالابتداء وخبره محذوف. واختلف في تقديره فقدره أبو البقاء كمن نجا وقدره الزمخشري فأنت تخلصه أي: حذف لدلالة أفأنت تنقذ عليه وقدره غيرهما تتأسف عليه وقدره آخر يتخلص منه أي: من العذاب.

وقوله تعالى:

{لكن الذين اتقوا ربهم} استدراك بين شبهي نقيضين أو ضدين وهما المؤمنون والكافرون أي: جعلوا بينهم وبين المحسن إليهم وقاية في كل حركة وسكون فلم يجعلوا شيئاً من ذلك إلا بنظر يدلهم على رضاه وقوله تعالى: {لهم غرف} أي: علالي من الجنة يسكنونها {من فوقها غرف} شديدة العلو مقابل لما ذكر في وصف الكفار لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل والمعنى لهم منازل في الجنة رفيعة ومن فوقها منازل أرفع منها.

فإن قيل: ما فائدة قوله تعالى: {مبنية} ؟ أجيب: بأن المنزل إذا بني على منزل آخر كان الفوقاني أضعف بناء من التحتاني فقوله تعالى: {مبنية} فائدته أنه وإن كان فوق غيره لكنه في القوة والشدة مساوٍ للمنزل الأسفل.

ولما كانت المنازل لا تطيب إلا بالماء وكان الجاري أحسن أشرف قال تعالى {تجري من تحتها} أي: من تلك الغرف الفوقانية والتحتانية {الأنهار} أي: المختلفة كما قال تعالى: {فيها أنهار من ماء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015