من الجزع) بالتحريك أي الضعف عن تحمل الفقر (والهلع) بالتحريك هو بمعنى الجزع فالجمع للإطناب أو هو شدة الجزع أو أفحشه (وأكل) بفتح فكسر (أقواماً إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى) أي النفسي (والخير) أي الجبلي والداعي إلى الصبر والتعفف عن المسألة (منهم عمرو بن تغلب) بفتح المثناة الفوقية وسكون المعجمة وكسر اللام وتتمته فقال عمرو فوالله ما أحب أن يكون لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم أي ما أحب أن لي بدل كلمته النعم الحمر وهذه صفة تدل على قوة إيمانه ويكفيه هذه المنقبة الشريفة وفي الحديث أن الرزق في الدنيا ليس على قدر درجة المرزوق في الآخرة وأما في الدنيا فإنما تقع العطية والمنع بحسب السياسة الدنيوية فكان صلى الله عليه وسلم يعطي من يخشى عليه الجزع والهلع لو منع ويمنع من يثق بصبره واحتماله وقناعته بثواب الآخرة وفيه أن البشر طبع على حب العطاء وبغض المنع والإسراع إلى إنكار ذلك قبل الفكرة في عاقبته إلا من شاء الله وفيه أن المنع قد يكون خيراً للمنوع كما قال تعالى وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وسببه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بمال أو بسبي يقسمه فأعطى رجالاً وترك رجالاً فبلغه أن الذين ترك إعطاءهم تكلموا وعتبوا عليه فحمد الله ثم أثنى عليه ثم قال أما بعد فذكره (حم) عن عمرو بن تغلب

• (أما بعد فما بال أقوام) استفهام إنكاري أي ما حالهم وهم أهل بريرة وسبيه كما في مسلم عن عائشة قالت دخلت على بريرة فقالت أن أهلي كاتبوني على تسع آواق في تسع سنين كل سنة أوقية فأعينيني فقالت لها إن شاء أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة وأعتقك ويكون الولاء لي فذكرت ذلك لأهلها فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم فأتتني فذكرت ذلك فانتهرتها فقالت لاها الله أذن قالت فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألني فأخبرته فقال اشتريها فأعتقيها واشترطي لهم الولاء فإن الولاء لمن أعتق ففعلت قالت ثم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية فعمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد فذكره واشتراط الولاء للبائع مبطل للبيع عند الشافعية قال في شرح البهجة ولو شرط مع العتق الولاء لم يصح البيع لمخالفته ما تقرر في الشرع من أن الولاء لمن أعتق وأما قوله صلى الله عليه وسلم في خبر بريرة لعائشة واشترطي لهم الولاء فأجاب عنه الأقل بأن راويه هشام تفرد به فيحمل على وهم وقع فيه لأنه صلى الله عليه وسلم لا يأذن فيما لا يجوز والأكثر بأن الشرط لم يقع في العقد وبأنه خاص بقصة عائشة لمصلحة قطع عادتهم فإن عادتهم جعل الولاء للبائع كالمعتق كما خص فسخ الحج إلى العمرة بالصحابة لمصلحة بيان جوازه في أشهره وبأن لهم بمعنى عليهم كما في وإن أسأتم فلها انتهى وقال ابن حجر في شرح المنهاج الصحيح أنه من خصائص عائشة قالوا والحكمة في إذنه فيه ثم إبطاله أن يكون أبلغ في قطع عادتهم في ذلك كما أذن لهم في الإحرام في حجة الوداع ثم أمرهم بفسخه وجعله عمرة ليكون أبلغ في زجرهم عما اعتادوه من منع العمرة في أشهر الحج (يشترطون شروطاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015