إلا ترى إلى هؤلاء الألوف من البنات اللائي يجرين في أسواق لندن وجميع المدن العامرة بأخلاق من الثياب، كيف يتهافت على الرائح والغادي رجاء أن ينلن ما يتقوّتن به ويتجملن به من الثياب. ولا سيما هؤلاء النواشي اللائي لم يبلغن بعد عمر خمس عشرة سنة. فهذا لعمري الاهتجان بعينه. فكيف يعيبون علينا هذه العادة في بلادنا وهي مستعملة عندنا على وجه الحلال وعندهم بالحرام. فلو كنّ مكفيات المؤونة لما فعلن ذلك. لأن البنت في هذا الحدّ من السن لا تكرع إلى الرجال. ولا تبضع للبعال. ولا سيما في البلاد الباردة. ولسلم من كيدهن وتهافتهن جشعاً إلى المال أناس كثيرون جلب عليهم شرههم إليهن مضارّ كثيرة. وماعدا ذلك فإن هؤلاء البنات الحسان لو كانت الدولة وأهل الكنيسة يُعنون بتجهيزهن بما يقدرن على الزواج الشرعي بعد تربيتهن وتهذيبهن، لكنّ يلدن الأولاد الصباح فيزين المملكة بإثمار أرحامهن كما تقول التوراة. بخلاف ما إذا بقين على حالة السفاح فما يتولد منهن إلا الخبائث والرذائل. فهن كالشجرة الناضرة التي فضلاً عن كونها لا ثمر تلثى بالسم الناقع لمن تذوقها. وكم لعمري من بنت حبلت أوّل مرّة من مبادئ شوطها في ميدان العهر. ثم أسقطت جنينها خوف الفقر. وأن منهن لمن تلد في طرق المدينة في ليالي الشتاء الباردة لعدم مأوى لها. أو أنها تبيت مع بنت أخرى على فراش واحد وهي عادة مستفيضة في لندن. وذلك لعدم قدرتها على أن تستقل بفراش وكنّ خاصّ بها. فلا تأمن والحالة هذة من أن يلحقها أذى من ضجيعتها ليلاً. نعم أن أولاد الزنا يأتون في الغالب شياظمة جبابرة كيفتاح الجلعادي الذي حلّ عليه روح الرب فأنقذ إسرائيل من بني عمون. وكوليم الفاتح الذي فتح هذه البلاد أي بلاد الإنجليز. إلا أن النفع الأكثري مع الاقتصاد والاعتدال أحق بالمراعاة والتقديم من النفع ألا ندريّ مع الإسراف والأرغال أليس يعاب صاحب أرض أريضة يغادرها بوراً ومتمرغاً للوحوش. أو صاحب أشجار مثمرة يتركها دون سياج ولا ناطور عرضه لهم كل متفكة.