فقالت ويك ويك ما هذا لعلك أتيت بي هذه البلاد لتسبكني وتصوغ مني امرأة أخرى. قلت فديتك فأسمعي ولا يكن كلامك في هذا الفصل من السنة إلا إِخفاساً أي قليلا. وفي الفصل القابل تزيدين عشرين في المائة. وإن حدثك رجل أو امرأة وجب عليك أن تستحسني المحدث وتحبّذيه عند ختام كل جملة. وتؤمني له وتهيمي أي تقولي له آمين آمين بسْلا بسلا. وتنعميه أي تقولي نعم نعم. وتبجليه أي تقولي بجل بجل. وتوجليه أي تقولي أجل أجل وتبسليه أي تقولي بسل بسل. ولا ينبغي لك في يوم الأحد أن تطبخي شيئاً وإنما نأكل مما فضل من يوم السبت بارداً كما تفعل اليهود. لأن الطعام الساخن يسخن الدم ويهيج الحرارة. ولأن سيدنا موسى رجم رجلاُ وجد يجمع حطباً في السبت ولا ينبغي لك الحركة في يوم الأحد. أيّة حركة كانت الحنت ذلك. قالت لحنت. قلت لا ولا ترفعي فيه الستائر عن الشبابيك لئلا يراك الناس فيكون ذلك باعثاً أيضاً على الحركة. الحنت هذا أيضاً. قالت وقد لحنته وزكنته. وفهمته ولقنته. وعلمته ودريته. وأدركته ووعيته. ولكن ما سببه وهذا اليوم عندنا يوم الفرح والسرور. والتزاور والحبور. قلت أنهم يموتون فيه لكون سيدنا عيسى أُنشر فيه من الموت. ثم أن عليك أن لا تفتري من ذكر يوم السبت أي الأحد. فإن المسمى قد يتغير بتغير اسمه. وذلك بأن تقولي مثلاً ما كان اشرف السبت الماضي وما أجلّه. من لي بالسبت القابل حتى أخلو فيه مع ربي. يا ليت كل يوم فيه ساعة من ساعات السبت أن يوم السبت ليوم عظيم. مهيب كريم. جليل وسيم. كيف كان الناس يعيشون ولا سبت لهم. كم من سبت في السنة. وكم في ساعات السبت من دقائق. وكم في دقائق السبت من ثواني. إلا ما أبهى شمس وقمره. وغلسه وسحره وأزهاره وأطياره. وحره وازمهراره.
وإذا أنكرت فعلة من فعلاتهم فأياك وأن تذكريها لهم. وأطرئي ما أمكن على عاداتهم وأطوارهم ومعالمهم ومشاعرهم ومآكلهم ومشاربهم ومآدبهم وملابسهم. وعلى طول أظفارهم وأظفارهن وعلى عظم مرافدهن وعلى تفتيل سوالفهن. وعلى المنفش من شعرهن أعني على قُذلهن. وعلى كشف أدبارهم للاصطلاء. وكلما رأيت شياً في بيوتهم من إناث وغيره فاستحسنيه وأعجبي به فقولي وأنت مدهوشة. آه ما أجمل هذا. آه أجمل ذاك. ما أبهى هؤلاء آه ما أملح تلك إلا ما أذكى مراحيضكم. وأشذى بواليعكم وأنقى مرافقكم. وأنقى مثاعبكم. وأنظف أعتابكم ووصدكم. وأبهج نفقكم وسرَبكم. فهذه هي الذريعة التي يتذرع بها الغرباء هنا لاستجلاب مودتهم وكب رضاهم. وأعرف كثيرين قد استعملوها ونجحوا بها ثم ينبغي لك إذا دعينا إلى وليمة عند أحد أكابرهم أن تأكلي هنا من قبل أن تذهبي. فإن المدعوين لا يأكلون عند آدبهم حتى يشبعوا ولكن يشبعون حتى يأكلوا. وكما أن أدب الأدب عندنا أن يغصب ضيفه على الأكل ويحلفه برأسه ولحيته وشواربه أن يأكل فخذ دجاجته أو ست كُبيبات أو يلقمه إياها في فمه. كذلك كان أدب الأدب عندهم أن يراعي حركات فم الآكل ويديه ليعلم هل هو سرطم أو ذو لقف ونقف. وكلما تحرك فم أويد على المائدة- قال فابتدرتني وقالت وخصر. قلت وكفل بل أي عضو كان. وجب عليك أن تقولي لذي العضو المتحرك أنت مشكور على ذلك. أنت ممدوح. أنت محمود. أنت مفضل. أنت محسن. أنت برّ. أنت ذو منّة وما أشبه ذلك مما يؤذن بضعة المأدوب ولمده وحقارته أهوانه وذلّه وخساسته وهطرته وكَفْره وتسكسه. في مقابلة رفعة الأدب وعظمته وجلاله وأبهته وشرفه وكرمه وبذخه وعزّته. والحذر الحذر من أن تمدي يدك إلى زجاجة الخمر أو إلى جفنة الطعام فتأخذي منهما ما شئت. فإن ذلك يكون انتهاكاً لحرمة المائدة والمجلس والقرية بل وللملكة بأسرها. وإنما ينبغي أن تنتظري من كرم الآدب إن يوعز إليك في ذلك. وإذا قدم لك بضعة من أرنب قد خنق مذ شهر وعلّق فيالهواء حتى انتن فأثني على الأرض التي نشأ فيها جنس هذا الحيوان النفيس وعلى خانقه وطابخه. وإذا رأيت شيخاً ذا وقار وهيبة يخدم عجوزة فلا تنكري ذلك كما أنكره بعض الشعراء المفرّكين بقوله
ورُبَّ عجوز تحاكي السَّعالي ... تشير وتنهي وتأمر أمراً
يقابلها شيخها بامتثال ... ويسعى لخدمتها مستمرّا
وتقعد تحكي كلاماً سخيفاً ... ومستمعوها يقولون سحراً
تقول بداري كلب وهرّ ... وللهرّ ذعر إذا الكلب هرّا