فتمعّر وجهها غيظاً وقالت ما هو إلا تقوّل منك. فإنكم معاشر الرجال أبداً لهجون بالسدّ. فقلت كما أنكن معاشر النساء أبداً لهجات بالفتح. قالت أن القوم لا يقولون هذا الكلام وليس في أشعارهم هُجر وفحش كما في أشعار العرب قلت أليست أجسامنا وأجسامهم سواء. قالت الكلام هنا على الكلام لا على الأجسام. قلت من أين يأتي الفحش إلا من الأجسام. فحيثما وجد الجسم وجد منه الفعل. وحيثما وجد الفعل وجد عنه القول. هذا دين سويفت مع أنه كان في درجة هي دون درجة إلا سقف ألّف مقالة طويلة في الأست. وكذا استرن فإنه كان قسيساً وألّف في المجون. فأما جون كليلاند فإنه ألّف كتاباً في أخبار فاجرة اسمها فني. هل جاء فيه من الفحش والمجون بما فاق به ابن حجاج وابن أبي عتيق وابن صريع الدلاء ومؤلف كتاب ألف ليلة وليلة. فمما ذكره عن فحش أهل لندن أن زمرة من أعيانها كانوا قد انشئوا ماخورا جمعوا فيه عدة زواني. وكان بعضهم يفجر ببعضهن بمرأى من الباقي مناوبة. وأول من نهج طريقة المجون فيما أظن كان ربلي الفرنساوي المشهور وهو أيضاً من أهل الكنيسة. قالت ألم تقل لي آنفاً إنهم متلبسون بالورع والتقوى؟ قلت بلى ولم أزل أقول غير إن هذا التلبس قد جرى عندهم مجرى العادة. فإن الملّبس عليه يعلم ما أنطوي عليه الملّبس. ليت شعري لو أن أحداً لبس مثلاً عشرة أثواب ليوهم الناس إن ليس له قبل ولا دبر أفيخفي علم ذلك الناظر. قلت لا فإذاً هم مدهونون بالدهان. قلت نعم هذا النوع ينمي في هذه الأرض كثيراً.
فتأوهت وقالت ويلي على المداهنين. كيف أطيق عشرتهم وأنا كسائر أهل بلاد المشرقية منبسطة النفس واللسان. لا اكتم ما في صدري عن عشيري. قلت إياك وذلك. وإنما ينبغي لك التكتم والتحرز دائماً. وإياك أيضاً والإهزاق فإن ضحك القوم أهمات وغت وإِهلاس وإِهناف وإِرتاء وانتداغ وارتاك وزقزقة وهرنفة وانتاغ وهنبصة. وإلا فكوني من التاغيات. قالت كيف تأمرني أن أكون من الطاغيات. وأنت لا تزال تشكو من النساء طرّا حتى من العادلات. قلت بل المراد أن تغالبي الضحك يقال تغت الجارية- فابتدرتني وقالت يكفي يكفي ما أريد أن تذكر لي الجارية ولا الجارة. قلت نعم وأكلهم نأج وتدلس وتوجُّس وهَمْس ومَدش وتبرض وهرمزة ومطع وتذوق وتطعم وتغذم. وشربهم غنثرة. ولماظ وترشف وتزحن وتزنح وترنح وتقنح وترمق وتمقمق وتمزز وتمزر وتمصص. ومتى تكلمت يجب أن تغضي طرفك وتخفضي صوتك وتبدي غاية ما يكون من الترزن والتوقر والتحرز والتحذر. والتظرف والتكيس. والتلطف والتنطس. والتأدب والتخضع. والتعزف والتخشع. والتخفر والتقزز. والتعوذ والتعزز. والتنزه والتقوش. والتمنع والتجهش. والتنسك والتنقع. والتأوّه والتنطع. والتجوب والتذمم. والتحرج والتأثم. والتحنث والتحشم. والتدلس والتكتم. والتخنث والتأنق. والتودد والتملق. والتحسب والتحري. والتوقي والتحشي. والتوخي والتخشي. والتبري والتذكي. والتحذلق والتحصي. والتوقف والتحمي. والتصلف والتكلف. والتأسف والتلهف. والتجشف والتحنف. والتعفف والتأنف. والتخيف والتخوف. والتنطف والتنظف.