وبعد أن وصل الفارياق إلى منزله جاءه بعض معارفه وسأله عن سفره. فأسرّ إليه وعينه ناظرة إلى الباب غرفة زوجته أن النساء اليهود في تونس ما زلن حساناً. وأنه وأن يكن قد أنزل بهذا الجيل مسخ كما تزعم النصارى فأنه إنما نزل بالرجال فقط. فقالت امرأته من وراء الباب ما تقول بل المسخ وقع على النساء. قال حيث قد سمعت نجوانا ولا يخفى عليك مني خافية فضمي نفسك إلينا لنخوض في هذا الحديث المستجب. قالت أجل أنه ما يخفى عن أذني همهمة. ولا عن عيني سمسمة. ثم أنها تصدرت في المجلس وقالت. قد أعجبني من زي الرجال في تونس أن سراويلهم قصيرة بحيث تظهر سيقانهم. قال فقلت بل زي النساء أعجب وأشوق. فإن الرجال قد يكسون سيقانهم من الجوارب ما يغطيها ومع ذلك فالسراويل تخفي خصورهم وما يلبها. فأما النساء فسوقهن بادية ولا شيء يستر حقائبهن. فترى المرأة تمشي في أوان الحر وثوبها يشف عما تحته عما من مكَّبب ومقبّب. ومعقب ومقوّب. ومكعَّب ومكعثب. فقالت بودي لو كان زي النساء كهيئة أجسامهن. قلت هذا يكون فاحشاً من وجهين. لأن المتزيية به أن كانت ركراكة عندلة لفّاء كانت فتنة للناس وعطّلت عباد الله عن أعمالهم. وأن كانت دردحة أو رسحاء كانت وباء على الناس وأحجرتهم في بيوتهم تطيراً منها. قالت ما سبب كون الرجال في هذا البلد يتزيون بزي كهيئة أجسامهم ولا لوم عليهم ولا محظورة من رؤيتهم. أفكل ما تفعله الرجال يسوغ وما تفعله النساء يغصّ به. لعمري أن هذا الزي أحسن من زي رجال بلادنا.