فإنك ترى من له سراويل منهم يمشي كالشاة للحلب. وكثيراً ما تلتف عليه من قدام ومن خلف فتعوقه عن المشي فضلاً عن الجري. ولو أنه كان مثلاً في محترفه وقال له زارك اليوم في منزلك فتى غسّاني فرهد. ولمّا لم يجدك لبث ينتظرك وما هو الآن هناك -وقد احتفلت به زوجتك وهشّت إليه وبشت وهي التي ثبّطته وأمرت الخادمة بأن تمرض أو تتمارض حتى تنفي عنك الشبهة. إذ أو بعثتها إليك وخلا لهما المكان لرابك أمرها واعتقدت أن زيارته لها إنما كانت عن موعد. وإنها هي المقصود بهذه الزيارة لا التشوق إلى رؤية سحنتك. وغير ذلك من الكلام الذي يفور به الدم وينتفخ منه الحملاق. فكيف يمكن له والحالة هذه أن يحفد إلى منزله وبين فخذيه ما يذهب به هنا وهناك. ثم ضحكت وقالت نعم ترى منهم من له جبة يمشي ويكنس الأرض بأذيالها فيلصق بها كل ما في الأرض من النجاسة والقذر حتى إذا وافى بيته ملأه بالرائحة الخبيثة فعلق بزوجته منها ما يرد الطرف عنها وإن كانت عبقة. لأن الرائحة الخبيثة تغلب على الرائحة الطيبة كما يقال. وفضلاً عن ذلك فأن جبه واحدة يعمل منها كثير من هذه التي تلبسها الإفرنج إلى خصورهم. وليس للرجل إذا لبسها من هيئة ولا شارة فإنها تخفي قوامه كله فلا يرى له خصر ولا غيره. وما خلق الله الإنسان على هذه الصورة إلا وارد أن تكون ظاهرة كما هي. قلت قد رأيت الإفرنج في بلادهم صيفاً وشتاء فإذا هم يسترون أدبارهم بهذه الجبب المزنقة. ولا يمشي أحد منهم في الخارج ظاهر الدبر كما يمشي هؤلاء القوم القليلو الحياء في هذه الجزيرة. قالت والبطون والأفخاذ قلت ظاهرة قالت قد شفع هذا في ذاك فأما سترهما معاً فشنيع لعمري أن الناس لم يهتدوا إلى الآن إلى زي حسن يوافق هيئة الجسم ويلائم للعمل وبه شارة. فإن هذه البرنيطة لا تعجبني وليست ملائمة للوجه لا في النساء ولا في الرجال لأنها أشبه بالقفة أو الزنبيل أو القِرْطالة أو السلة أو العَيْبة أو العِكْم أو المرجونة أو الجوالق أو الحُرْبة أو اللِّبيد أو الجُرْجة أو الغفر أو الجُفّ أو القفْعة أو الجُلّة أو القشْع أو المُدارة أو القَلْع أو الكنْف أو القَنْبع أو المخرف أو القِنْع أو الزكيبة أو الجِواء أو القَوْصَرّة أو الفَوْد أو التليسة أو الوفيعة أو الجِلْف أو الخصفة أو الدَوْخلّة أو السفَط أو الحَفْص أو الميضة أو الصَنّوت. وهذه العمائم دونها في القبح. وهذه الحبر التي تلبسها نساء مصر لا حسن فيها فضلاً عن غلائها. واقبح من ذلك كله هذا الحزام الذي تتحزم به الرجال فإنه يملأ الخصر والصدر ويمنع الطعام عن الهضم. واقبح منه هذا الشريط الذي يربطون به سراويلاتهم من تحت ركبهم فإنه يوقف الدم عن سريانه فيا لأرجل. وليس زي نساء الإفرنج حسن إلا كونه ملائماً للمرافد وقد طالما بتّ مشغولة البال بهذا وحاولت أن أخترع زيا يكون فيه حسن وتشويق وخفة وطلاوة وجلالة مع موافقة هيئة الجسم ما أمكن فلم يفتح الله عليّ إلى ألان وعسى أن يتجه إلى ذلك عن قريب فأكون معدودة من جملة المستنبطين في هذا العصر. قلت وهل لم يخطر ببالك الاقتصاد قط في استنباطك. قالت لا فأن خير المال ما أنفق على المرأة. قلت بل على هذه. الخزانة وأشرت إلى سهوة الكتب. قالت أو تعانق الكتاب في ليلك وتشاعره. قلت أن الرجل حين يشاعر زوجته ليلاً لا تكون متزينة باللباس والحلي بل تكون عريانة عند قوم. وفرجا أو متفضلة أو هلا عند آخرين. فيصدق عليها ما قيل شعر

يتفخّل الإنسان جل نهاره ... حتى يفوز بغادة في ليله

فإذا أستقر في الفراش بدت له ... جهواء مثل التيس تحت ذييله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015