فقالت لكن المرأة لا ترى من زوجها بعد إيابه عرساً جديدة. قال فقلت إنما هو من مخالفتهن الرجال في كل شيء قالت نعم ولولا هذا الخلاف ما حصل الوفاق. قلت كيف يكون عن الخلاف وفاق؟ قالت كما أن المرأة خُلقت مخالفة للرجل في الخلق كذلك كان خلافها له في الخلق. وكل من هذين الخلافين باعث له على شدة الكلف بها والحرص عليها. إلا ترى أن المرأة إذا كانت تفعل كل ما يريد زوجها أن تفعله كانت كالآلة بين يديه فلا يكترث بها ولا يقبل عليها إنها موقوفة على حركة يده أو عينه أو لسانه زيادة على حركة يده في الآلة. بخلاف ما إذا عرف منها المخالفة والاستبداد بأمرها فإنه حٍ بها ويداريها. قلت هذا غير ما عهد عند الناس. قالت بل هو معهود عند النساء من القديم. ولذلك تراهن جميعهن متحليات بهذه الحلية. قلت ولكن إذا كثر الخلاف وطال أورث التقاطع والملال. قالت أن عيني المرأة لا تبرحان ناظرتين أو حقهما أن تكونا ناظرتين إلى موضعي القطع والوصل. وإلا استطال أحدهما على الآخر فوقع ما قلت. قلت بل في دوام الوصل دوام الوفاق. قالت لا بل هو باعث على السآمة والضجر. فإن الإنسان مطبوع على ذلك. قلت أي سآمة من وصل الحبيب. قالت السآمة غالبة على الإنسان في كل شيء بحيث يود تبديل حالته الحسنى بحالة سوأى. قلت أو قد سئمت من حالتك هذه. قالت ثم حلت عن السأمة قلت ما بال الناس كلهم يقولون يا قرة العين. قالت نعم إن العين تقرّ بشيء ريثما يعنّ لها آخر فتطرف إليه. قلت وما شأن القلب قالت هو متقلب ومتحيز معها. قلت فما شأن العميان. قالت أن لهم في بصائرهم عيوناً اشد حملقة من العين الباصرة. قلت من أسرع الناس تقلب قلب. قالت أكثرهم فكرا فإن العجماوات اثبت واصبر من الناس إذ ليس لها فكر. قلت فإذاً ينشأ عن النفع ضر. قالت نعم كما إنه ينشأ عن الضر نفع: قلت أي نفع في المرض. قالت سكون العقل والدم والفكر عن الهوى والشهوات. قلت أي نفع في الفقر. قالت الكف عن الشراهة والسرف المهلكين. فإن الذين يموتون من زيادة الأكل والشرب أكثر من الذين يموتون لقلتهما. قلت أي نفع في الزواج بامرأة دميمة. قالت كف رجل جارك عن دارك وصرف عين أميرك عن مراقبة حالك. على أنها لا تعدم طالباً مثلها ولكن بعض الشر أهون من بعض. قلت أي نفع في دمامة الأولاد قالت إذا علموا ذلك من أنفسهم رغبوا عن اللهو إلى العلم واقبلوا على تحسين خُلقهم ليشفع في خلقهم. قلت وأي نفع من مشيب أعلى الإنسان قبل أسفله مع أن شعر الأسفل ينبت قبل شعر الأعلى. قالت أشعاره بأن الحيوانية المطلقة أقوى فيه من الحيوانية المقيدة. ولذلك كان أول ما يشيب فيه رأسه الذي هو محل الناطقية. وأقوى ما يحسّ منه باللذة أسفله. قلت وما نتيجة ذلك قالت إقلاله من الفكر. قلت وما الفائدة في كونه يعوز إلى أوقية من اللحم يملأ بها وجهه فيجد رطلاً في عجزه. قالت هو من النوع الأول. قلت كأنك تقولين أن الرجل لم يخلق إلا لأجل المرأة. قالت نعم كما أن المرأة لم تخلق إلا للرجل. قلت أي نفع في تحتّت الأسنان. قالت الأكل على هينة فيمرؤ الطعام. قلت أي نفع في تعميش العينين. قالت عدم رؤية الحسان ليلاً فإنهن أروع فيه وافتن. قلت وأي نفع في العرج. قالت الراحة من الجري وراء القرصافة الزقزاقة. قلت أي نفع في السدة. قالت الذهول عن العقبة. قلت وفي الصمم. قالت عن الرمم. قلت وفي الجهل. قالت توفر الصحة للبدن والراحة للبال. فإن الجاهل لا يفكر في الأمور الدقيقة المتعبة. فإذا نام أهنأه النوم وإذا طعم شيئاً امرأة. لأكدابك في الهنيمة أناء الليل وأطراف النهار فما اسمع منك إلا تعديد قوافي. وذكر نؤيٍ وأثافي. ودوارس عوافي. وظغائن خوافي. وإذا جلست للطعام أتيت بالكتاب معك فجعلت الصفحة تلو الصفحة. فتأكل لقمة. وتقرأ فقرة. وتكرع من الشراب كرعة وتتلو أُسطورة. ولذلك- قلت قد فهمت من هذا الاكتفاء عدم الاكتفاء. ولكن كثرة القراءة ينشأ عنها كثرة التصور الباعثة على كثرة التشوق. قالت ولكن كثرة التشوق ينشأ عنها الترويلية أو الزمالقية والمقصود الجحادية اللحكية. وقد طالما أحوج وجود الأولى إلى البحث عن وجود الثانية. ولكن دعنا من هذه الملاحك والمغامس.