إن هذه المزية السنورية أي الأكل خفوة وأن يكن وجودها ملحوظاً في النساء على الأعم إلا أنها في نساء الإنكليز على الأخصّ. فإن المتصفة منهن بما اتصفت به السيدة المدقم في فصل حد نبدي تتظاهر في النهار بصفات الورع والتقوى والنفورية والقذورية وتنظر إلى تبعها نظر المتجاهل. وتوهم الناقد إنها متبتلة معتزلة للرجال. وربما حفظت أحاديث دينية وروايات نسكية تلقيها على الناس فيعظمونها ويعتقدون فيها الصلاح. وإذا دخلت بيتها وجدت على مائدتها التوراة والإنجيل وكتبا أخرى في العبادة والزهد. وربما وسّخت الظاهر من ورقها لتوهم إنها كثيرة الدراسة لها ولا يمكن للرجل أن يذكر بين يديها اسم عضو من أعضائه. فتكون لذة هؤلاء على مقتضى قاعدة الفارياقية غير تامة وذلك لخلوها عن ركن الذكر. وعنها أيضاً أن ذكر اللذة لا بد من أن يكون مطابقاً للواقع فإن كان الوقوع مثلاً من ذي مقام ليلاً ذُكرت فيه لذات مقام. وإن يكن من دونٍ صباحاً ذكرت فيه لدون من النساء. وقس على ذلك سائر التباين في الأوقات والأشخاص. اللهمّ إلاّ أن خشي فوات الفرصة. أي إذا حصلت مثلاً ليلاً ولم يمكن ذكرها في الليل فيصح الذكر في الفجر أو الصباح. أو أن حصلت من ذي مقام ولم يتهيأ وجود نظيره فيصح ذكرها لدون ولا يفسد لذة الذكر بذلك. فأما على فرض كونها لم تجد أحداً من هذه الأصناف فيصح ذكرها لنفسها. وذلك بأن تدخل رأسها في زير فارغ أو في بئر أو جبّ أو قبوة ونحو ذلك مما له صدى وتنطق بلسان فيصبح مبين بما مرّ لها. حتى إذا رجع الصدى قام لها مقام النديم الكليم. فأما إذا بقي في صدرها فيخشى عليها من الصدارة والذباح. ويشترط أيضاً عندها أن تكون الرواية مطابقة للفعل. فللنبرة نبرة. وللهمز. همزة. وللحركة. وللسكون سكون. وللمد مدّ. وللهذهذ وللترخيم ترخيم. وللترسل ترسل. وإن يبلغ التشديد على الذال إذا كانت الرواية بلغتنا هذه الشريفة. وأن يكون في العينين مغازلة. وفي اللعم فيضان. وفي اللسان بله. وفي اليدين تلقح. وبما تقرّر علمت من أن هذه الخلة المذكورة الموجودة في نساء الإنكليز إخلال بشرط اللذة. ويمكن أن يقال أن لذة التصور عندهن قوية جداً بحيث تقوم مقام لذتين. أو أنهن يضعن رؤوسهن في خابية ونحوها. وعن الفارياق أن الجمال في النساء على اختلاف أنواعه له نطق ونداء ودعاء وإشارة ورمز. فمنه ما يقول لناظره لست أبالي بالمراود. ومنه ما يقول إلا اغتنمتم الآن الفرصة -للتأخير آفات- لن تراني من الكثير ملولا- لا يغرّنك الشفون - هيتَ لك- مَنْ لي به الساعة- ما أرى كفايتي عند أحد- أن دواء الشق أن تحوصه- أين أين المشبع- أين أبن الغز- أين أبن بني أذلغ- لديّ يذل الصعب- بعد جهدك لا تلام- لكل مجتهد نصيب- من أطعم أشبع- من ذاق عرف- من مس هرف - من سبق فقد ربح- العود أحمد- من عدّ عاد- من وصل وُصل. ومنه ما يشير أن أستعمل الحيلة - تلطف في الزيارة - كن من الجار على حذر - من تأني نال ما تمنى- بكر بكور الغراب وغير ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015