فجمال نساء الإنكليز هو مما عنوانه أين أين الغز. أين أين المشبع. لدي يذل الصعب. فإنك ترى المرأة منهن تمشي وهي صفوح منزة سامدة مساندة شاردة معبدة شامرة نافرة جافلة جامزة آبزة نافزة ناقزة معتزة ساربة عاسجة طامحة جامحة شامخة خانفة مشمّة شافنة مُهْطعة مُرشقة منتالعة هابعة متعاطفة متطلقة مخرنطمة مستحنفرة مجلوّذة مجلوّظة مذلعبة مجرهدّة مرمئدة مثمعدّة مصمعدّة مسبئرّة مسبكرّة مسمهرة مشفترة مسجئرَّة مسجهرة متمهلة متمئلة مشمعلة مصمئلة مقلهفة مزلئمَّة. ومع أن القدرة الخالقية قد خصتهن بآلاء ألا يا سابغة ضافية على ما روت الرواة فإنهن يتخذن لها المرافد ويعظمنها بها تعظيماً يوقف المستوفر بحيث يقف كالجابه الحيران. فلا يتماسك عن أن تصطك ساقاه تعجباً وأعظاماً لهذا التعظيم. وأن تحترق أسنانه ويندلع لسانه. وتنضنض لهاته. وتلتوي عنقه. وتنتفخ أوداجه ويحمرّ حملاقه. ويغان على قلبه ويَطْنى. وتأخذه القشعريرة والرعدة والأفكل والهزة والاضطراب والرجفان والنغشان والغشيان والغميان والفشيان والنحواء والدوار والميدان واللبم والأختلاح والترنح والارتعاج والارتعاش والارتهاش والرغس والارتعاس والترأد والترجيد والأصيص والبصيص والكصيص والأرْض والعُسوم والنفيضي والقل والأرزيز والزَّمَع والزقزقة والشفشفة والصعفة والقرقفة والقفقفة. وتهيج به الأخلاط الأربعة فيطلب كل خلط عظامة. وتنهال عليه الخواطر والوساوس. وتتجاذبه عوامل الأماني. وتجرضه مجرضات النزة. وتطفره خوالج الشهوة. ويميل به مميل التشوق والتلهف على حد قول الشاعر:
علمتك الباذل المعروف فانبعثت ... إليك بي واجفات الشوق والأمل
فيبقى حائراً بائراً مبهوتاً مهفوتاً سادراً داهلاً مدهوشاً ذاهلاً. بحيث إذا رجع سالماً إلى منزله يحسب كل شاخص فيه عظامة أو ما عُظّم بها.
وكان الفارياق إذا خرج وأبصر هذه الروابي الخصيبة عاد إلى مأواه وفي رأسه ألف معنى يشغله. فمما أنشده في بعض هذه الفتن.
يا للعجاب وكل عُجْب ... فليقل يا للعجابِ
ما أن يرى في ذا المكان ... سوى المرافد من روابي
كلا ولا من غوطة ... من دون ذياك الجناب
كلا ولا قرموطة ... تشرى سوى كعب الكعاب
من كل ذات تبهكن ... تدعو الحصور إلى الدعاب
الشوق يقدم بي وخوف ... العجز من غَلَم ناي بي
ماذا يقول الناس عّمن ... خار عن مَلْء الوطاب
أم كيف تضعف معدة ... عربي عن قحف العقاب
من لي بصُنبور فأترعه ... بمنزفة الحباب
من لي بقبَّة مرفد ... في ليلتي من ذي القباب
من لي يحت ألية ... من ذي الالايا في مآبي
هذا لعمرك شأن ذي ... قطم وهذا الداب دابي
وكما إن نساء تلك البلاد اختصصن بهذه المزية كذلك اختصت رجالها بألطافهم الغريب بعد معرفتهم له. فأما قبل المعرفة فإنه إذا حيّى أحداً منهم فما يكون جوابه إلا الشزر والشصر. ولهذا لما سمع أحد طلاّب العربية منهم بوجود الفارياق وكان قد قُري عليه حسبه ونشبه أتى ليزوره. وطلب منه أن يذهب معه إلى منزله فيقيم عنده مكرماً معززاً وكان مقامه بعيداً عن كامبردج. فأجابه الفارياق إلى ذلك لأن أهل المدينة على كثرة المدارس عندهم والمعالم هم اشدّ الناس نفوراً من الغريب. ولاسيما إذا كان مخالفاً لهم في الزّي. فكانوا يسخرون من قبعته الحمراء حتى كان كثيراً ما يقتبع في غرفته ولا يخرج منها إلا ليلاً. وقال في ذلك.
رمتني النوى في كمبريج ملازماً ... لبيتي نهاراً أن تراني أوباش
فتبعث بي حتى إذا الليل جنّني ... خرجت على أمْن كأني خفاش
ولأن الكلاب أيضاً كانت تشم فروته وتلازمه. فقال فيها.
ولي فروة تأتي الكلام تشمها ... ولم تندفع عنها إذا ما دفعتها
تهرّ علي تمزيق جلدي وجلدها ... كأني من آبائها قد صنعتها
ولأن أهل الدار التي نزل فيها كانوا يشاركونه في طعامه ولا يشركونه في لحمهم وشحمهم. فقال فيهم:
ولي عيلة في كمبريج خفيّة ... تؤاكلني من حيث ليس عيان
فعهدي باسم الآكلات فلانة ... وعهدي باسم الآكلين فلان
ولأنه لم يقدر على أن يحرَّد إلى إحدى تلك القبب. فقال فيها: