والقُرَآن على ظاهره، حتى تأتي دلالة منه أو سنة أو إجماع بأنه على باطن دون ظاهر.

-[581]- قال: فما في سياق الآية ما يدل على ما وصفتَ؟

قلت: لما ذكر الله عز وجل أن للمُولي أربعةَ أشهر، ثم قال: {فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم، وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم} ، فذكر الحُكمين معاً بلا فصل بينهما: أنهما إنما يقعان بعد الأربعة الأشهر، لأنه إنما جَعَل عليه الفيئة أو الطلاق، وجعل له الخيار فيهما في وقت واحد، فلا يتقدم واحد منهما صاحبه، وقد ذُكرا في وقت واحد، كما يقال له في الرهن افْدِهِ أو نبيعَه عليك بلا فصل، وفي كل ما خُيرِّ فيه: افعل كذا أو كذا، بلا فصل.

ولا يجوز أن يكونا ذُكرا بلا فصل، فيقالَ: الفيئة فيما بين أن يُولي أربعة أشهر وعزيمةُ الطلاق انقضاءُ الأربعة الأشهر، فيكونان حكمين ذكرا معاً، يُفسخ في أحدهما، ويُضيَّق في الآخر.

-[582]- قال: فأنت تقول: إن فاءَ قبل الأربعة الأشهر فهي فيئة؟

قلت: نعم، كما أقول: إن قضيتَ حقاً عليك إلى أجل قبل محله، فقد برئتَ منه، وأنت محسن متسرِّع بتقديمه قبل يحلَُّ عليك.

فقلت له: أرأيت من الإثم كان مُزمَعَاً على الفيئة في كل يوم إلا أنه لم يجامع حتى تنقضي أربعة أشهر؟

قال: فلا يكون الإزماع على الفيئة شيءً حتى يفيء، والفيئة الجماعُ إذا كان قادراً عليه.

قلت: ولو جامع لا ينوي فيئة خرج من طلاق الإيلَى، لأن المعنى في الجماع؟

-[583]- قال: نعم.

قلت: وكذلك لو كان عازماً على ان لا يفيء، يحلفُ في كل يوم ألا يفيء، ثم جامع قبل مُضِي الأربعة الأشهر بطرْفة عين: خرج من طلاق الإيلَى؟ وإن كان جماعه لغير الفيئة خرج به من طلاق الإيلى؟

قال: نعم.

قلت: ولا يصنعُ عزمُهُ على ألا يفيء؟ ولا يمنعه جماعه بلذَّة لغير الفيئة، إذا جاء بالجماع: مِن أن يخرج به من طلاق الإيلى عندنا وعندك؟

قال: هذا كما قلتَ، وخروجُهُ بالجماع على أي معنى كان الجماع.

-[584]- قلت: فكيف يكون عازماً على أن لا يفيء في كل يوم، فإذا مضت أربعة أشهر لزمه الطلاق، وهو لم يعزم عليه، ولم يتكلم به؟ أترى هذا قولاً يصح في العقول لأحد؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015