قال: فَمَثِّل لي بعض ما افترق عليه من رُوي قوله من السلف، مما لله فيه نصُّ حكم يحتمل التأويل، فهل يوجد على الصواب فيه دلالة؟
-[562]- قلت: قَلَّ ما اختلفوا فيه إلا وجدنا فيه عندنا دِلالة من كتاب الله أو سنة رسوله، أو قياساً عليهما، أو على واحد منهما.
قال: فاذكر منه شيئاً؟
فقلت له: قال الله: {والمطلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بأنفسِهِنَّ ثلاثةَ قُرُوْء} [البقرة 228]
فقالت عائشة: "الأقراء الأطهار"، وقال بمثل معنى قولها زيدُ بن ثابت، وابن عمر، وغيرهما.
وقال نفر من أصحاب النبي: " الأقراء الحيض"، فلا يُحِلُّوا المطلقةَ حتى تغتسل من الحيضة الثالثة.
-[563]- قال: فإلى أي شيء ترى ذهب هؤلى وهؤلى؟
قلت: تجُمع الأقراء أنها أوقات، والأوقاتُ في هذا علامات تمرُّ على المطلقات، تحُبس بها عن النكاح حتى تستكملها.
وذهب من قال" الأقراء الحيض" - فيما نُرى والله أعلم - إلى أن قال: إن المواقيت أقلُّ الأسماء، لأنها أوقات، والأوقات أقل مما بينها، كما حُدُوُد الشيء أقلُّ مما بينها، والحيضُ -[564]- أقل من الطُّهر، فهو في اللغة أَولى للعِدَّة أن يكون وقتاً، كما يكونُ الهلال وقتاً فاصلاً بين الشهرين.
ولعله ذهب إلى أن النبي أمر في سَبيْ أوطاسٍ أن يُسْتَبْرَينَ قبل أن يُوطَينَ بحيضة، فذهب إلى أن العِدة استبراء، وأن الاستبراء حيضٌ، وأنه فرَقَ بين استبراء الأمة والحرة، وأن الحرة تُستبرأ بثلاث حِيَض كواملَ، تخرج منها إلى الطُّهر كما تُستبرأ الأمة بحيضة كاملة، تخرج منها إلى الطُّهر.