قال: فإني أجد أهل العم قديماً وحديثاً مختلفين في بعض أمورهم، فهل يسعهم ذلك؟
قال: فقلت له: الاختلاف من وجهين: أحدهما: محرم، ولا أقول ذلك في الآخر.
قال: فما الاختلاف المحرم؟
قلت: كل ما أقام الله به الحجة في كتابه أو على لسان نبيه منصوصاً بيناً: لم يحل الاختلاف فيه لمن علمه.
وما كان من ذلك يحتمل التأويل، ويُدرك قياساً، فذهب المتأول أو القايس إلى معنى يحتمله الخبر أو القياس، وإن خالفه فيه غيره: لم أقل أنه يُضَيَّق عليه ضِيقَ الخلاق في المنصوص.
-[561]- قال: فهل في هذا حجة تُبَين فرقك بين الاختلافين؟
قلت: قال الله في ذم التفرق: {وما تَفَرَّق الذين أوتوا الكتابَ إلا من بعد ما جاءتهم البينةُ} [البينة 4]
وقال جل ثناؤه: {ولا تكونوا كالذين تَفَرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات} [آل عمران 105]
فَذَمَّ الاختلاف فيما جاءتهم به البينات.
فأما ما كُلِّفوا فيه الاجتهاد، فقد مَثَّلته لك بالقبلة والشهادة وغيرها.