فقوله: "على نورِ من الله" إشارة إلى الأصل الأول، وهو الإيمان الذي هو مصدرُ العملِ، والسببُ الباعث عليه.
وقوله: "ترجو ثوابَ الله" إشارة إلى الأصل الثاني، وهو الاحتساب، وهو الغاية التي لأجلها يوقع (?) العملُ، ولها يُقْصَدُ به.
ولا ريبَ أن هذا جامع (?) لجميع أصول الإيمان وفروعه، وأن البرَّ داخل فى هذا المسمى.
وأما عند اقتران أحدهما بالآخر كقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} فالفرقُ بينهما فرق بين السَّبَب المقصودِ لغيره والغايةِ المقصودةِ لنفسِها؛ فإن البرَّ مطلوب لذاتِه، إذ هو كمال العبد وصلاحه الذي لا صلاحَ له بدونه، كما تقدَّم.
وأما التقوى فهي الطريق الموصِلة (?) إلى البرِّ، والوسيلةُ إليه، ولفظُها يدلُّ على هذا؛ فإنها فَعْلى من وَقَى يَقِيْ، وكان أصلُها وَقوَى، فقَلَبوا الواو تاء، كما قالوا: تُرَاث من الوراثة، وتُجَاه من الوجه، وتُخَمَة من الوخم (?)، ونظائرهُ (?)، فلفظُها دالٌ على أنها من الوقاية، فإن المُتَّقِيَ قد جعلَ (?) بينه وبين النار وِقاية، فالوقايةُ من