اشتمالها على الفساد، وقدحها البغضاء في القلوب، والعداوة بين الأودّاء:
المفاخرة بالأنساب؛ فإنّه لم يغلط فيها عاقل قطّ،! مع اجتماع الإنس جميعا على الصورة وإقرارهم جميعا بتفرّق الأمور المحمودة والمذمومة من الجمال والدّمامة، واللّؤم والكرم، والجبن والشّجاعة، في كلّ حين، وانتقالها من أمّة إلى أمة، ووجود كلّ محمود ومذموم في أهل كلّ جنس من الآدميّين. وهذا غير مدفوع عند الجميع.
فلا تجعلنّ له من عقلك نصيبا، ولا من لسانك حظّا، تسلم بذلك على النّاس أجمعين، مع السّلامة في الدين.
واعلم أنّك موسوم بسيما من قارنت، ومنسوب إليك أفاعيل من صاحبت. فتحرّز من دخلاء السّوء، ومجالسة أهل الرّيب، وقد جرت لك في ذلك الأمثال، وسطّرت لك فيه الأقاويل، فقالوا: «المرء حيث يجعل نفسه» ، وقالوا: «يظنّ بالمرء ما ظنّ بقرينه» ، وقالوا: «المرء بشكله، والمرء بأليفه» .
ولن تقدر على التحرّز من جماعة الناس، ولكن أقلّ المؤانسة إلّا بأهل البراءة من كلّ دنس. واعلم أنّ المرء بقدر ما يسبق إليه يعرف، وبالمستفيض من أفعاله يوصف، وإن كان بين ذلك كثير من أفعاله ألغاه الناس وحكموا عليه بالغالب من أمره.
فاجهد أن يكون أغلب الأشياء على أفاعيلك كلّ ما تحمده العوامّ ولا تذمّه الجماعات، فإنّ ذلك يعفّي على كلّ خلل إن كان.
فبادر ألسنة الناس فاشغلها بمحاسنك، فإنهم إلى كلّ شيّء سراع، واستظهر على من دونك بالتّفضّل، [وعلى نظرائك] بالإنصاف، وعلى من فوقك بالإجلال. تأخذ بوثائق الأمور، وأزمّة التدبير.
واعلم أنّ كثرة العتاب سبب للقطيعة، واطّراحه كلّه دليل على قلّة الاكثرات لأمر الصّديق. فكن فيه بين أمرين: عاتبه فيما تشتركان في نفعه وضرّه