هذه عشر رسائل انتهت الينا من مؤلفات الجاحظ السياسية العديدة. وقد ضاعت سائر الكتب التي عالجت موضوع السياسة ولا يعرف سوى عناوينها الواردة في لائحة كتبه. (انظر «كشاف آثار الجاحظ» الذي نشرناه) .
وتدور الرسائل حول ست مسائل أساسية. المسألة الاولى هي مفهوم السياسة واصولها وطريقة اقامة الرئيس. لقد فهم الجاحظ السياسة بمعنى التدبير، تدبير شؤون الناس ومعاشهم. وكثيرا ما يستعمل لفظة السياسة مقترنة بلفظة التدبير. وترجع السياسة الى اصلين هما الترغيب والترهيب. وفي ذلك تتفق السياسة الدنيوية مع السياسة الدينية: فكما رغب الله عباده بالجنة وخوفهم من النار، هكذا ينبغي ان يفعل الحاكم مع الرعية لكسب طاعتهم، عليه ان يرغبهم بما يحبونه، ويوفره لهم، كما عليه ان يحذرهم مما يكرهونه وينفذ ما حذر منه. وهذان الاصلان يقابلان أحد مبادىء المعتزلة الخمسة وهو الوعد والوعيد.
وقد اوضح الجاحظ مفهوم السياسية واصولها في رسالة المعاش والمعاد التي وجهها الى احد اولي الأمر، وهو قاضي القضاة محمد بن احمد بن ابي دؤاد الذي يشرف على الولاة والقضاة في الدولة العباسية.
وبصدد اقامة الرئيس، رئيس الدولة، جاء الجاحظ بنظرية جديدة تقول