يستهل الجاحظ الكتاب بمقدمة تقليدية يدعو فيها لمن يوجه اليه الكلام- وهو شخص لا يسميه- بطول البقاء والسعادة والهداية. ويحدد موضوع الكتاب وهو جمع «ما جاء في الحجاب من خبر وشعر ومعاتبة وعذر وتصريح وتعريض..» . والغاية التي يرمي اليها الارشاد والتنبيه الى مساوىء الحجاب.
الكتاب إذن عبارة عن مجموعة اخبار واشعار حول الحجاب، ولا ينطوي على افكار أصيلة ذات شأن ادى اليها تفكير الجاحظ. ولكنه يطلعنا على نظرة العرب الى هذا الموضوع السياسي. فنحن نستشف من خلال الاخبار والاقوال والاشعار التي ساقها الجاحظ كره العرب للحواجز التي توضع بين الحاكم والشعب- ومنها الحجاب- ورغبتهم في تمتين الصلة بينهما، وفي ذلك دلالة واضحة على الروح الديمو قراطية التي يصدرون عنها. تلك الروح التي تتجلى في اعتبار الحاكم ذا سلطة مستمدة من الشعب بموجب البيعة التي هي ضرب من الاقتراع. وقد عبر هانىء بن قبيصة عن هذه الروح في قوله ليزيد بن معاوية الذي احتجب عنه اياما ثم لقيه وهو راكب للصيد: «يا يزيد، ان الخليفة ليس بالمحتجب المتخلي، ولا المتطرف المتنحي، ولا الذي ينزل على الغدران والفلوات، ويخلو للذات والشهوات. وقد وليت امرنا فاقم بين اظهرنا، وسهل