اذننا، واعمل بكتاب الله فينا، فان كنت قد عجزت عما هنا فاردد بيعتنا نبايع من يعمل فينا ويقيمه لنا ثم عليك بخلواتك وصيدك وكلابك» .
فالخليفة واحد من ابناء الشعب بايعه الناس ليدبر امورهم فاذا عجز عن ذلك او احجم او انصرف الى اللهو والملذات او ابتعد عنهم واحتجب دونهم، وجب خلعه واقامة آخر مكانه.
وقد لخص النبي واجبات الحاكم بقوله «ثلاث من كن فيه من الولاة اضطلع بامانته وامره: اذا عدل في حكمه، ولم يحتجب دون غيره، واقام كتاب الله في القريب والبعيد» .
فعلى الحاكم أن يعدل ويقيم احكام القرآن ولا يستكبر على الناس.
وشدد عمر بن الخطاب على ضرورة بقاء الحاكم قريبا من الشعب، بعيدا عن الأبهة والبذخ قائلا لعماله: اياكم والاحتجاب وركوب البرذون واتخاذ الحاجب ولبس الكتان واكل الدرمك.
وقد راعى خلفاء الامويين والعباسيين هذا الأمر ولم يتشبهوا فيه بملوك الروم والفرس الذين احاطوا الملك بمظاهر الابهة والعظمة. فقال الخليفة العباسي موسى الهادي لحاجيه: «لا تحجب الناس عني فان ذلك يزيل التزكية ... ويهلك المملكة» .
وتحدث الجاحظ على واجبات الحاجب، فقال انه العين الذي ينظر فيها الحاكم، فعليه بالنظر الى الناس وابلاغهم عن الحاكم وابلاغ الحاكم عنهم، اي يكون صلة الوصل بين الحاكم والشعب.
ومن واجبات الحاجب احترام الناس ومعرفة اقدارهم وعدم احتقار احد لرثاثة ثوبه او دمامة وجهه.
وعليه ان يقابل الناس بوجه بشوش ولسان طلق ولا يميز بين الناس فيأذن لبعضهم ويمنع البعض الآخر، لأن الممنوع ينكسر خاطره ويضمر الحقد.