والحبشة وفزان وبربر والقبط والنوبة والسند والهند والصين. ثم ان العرب يعدون من السودان لأن لونهم اقرب اليهم من البيضان.
ويبحث الجاحظ اخيرا مسألة فلسفية خطيرة هي علة اختلاف الناس في ألوانهم. ويذهب الى ان الله لم يجعل السودان سودا والبيضان بيضا وانما البيئة الطبيعية التي يعيشون فيها هي التي تحيل الوانهم او تصبغ جلودهم بالوان مختلفة. ويقول على لسان السودان «ان الله تعالى لم يجعلنا سودا تشويها بخلقنا، ولكن البلد فعل ذلك بنا. والحجة في ذلك ان في العرب قبائل سودا كبني سليم ابن منصور. وكل من نزل الحرة من غير بني سليم كلهم سود» . وقد يأتي بنو سليم برعاة من الروم البيض فلا يمضي ثلاثة أجيال حتى يصبحون سودا، ثم ان جميع الحيوانات التي تعيش في الحرة من نعام وهوام وذباب وثعالب وشاء وحمير وخيل وطير، سود. وثمة دليل آخر على اثر البيئة في تشكيل الالوان هو اننا نرى جراد البقل وديدانه خضرا، كما نرى قمل الرأس الاسود سوداء، وقمل الرأس الاشيب بيضاء. وينتهي الجاحظ الى القول: «والسواد والبياض انما هما من قبل خلقة البلد وما طبع الله عليه الماء والتربة، ومن قبل قرب الشمس وبعدها وشدة حرها ولينها، وليس ذلك من قبل مسخ او عقوبة، ولا تشويه ولا تقصير» .