ثم كتب لهم ابن يزداد، وكان أشقاهم، حتّى هلك.
وكتب لهم عمرو بن مسعدة، وكان رسائليا فقط.
واسترجح المأمون وهو بخراسان قبل مقدمه من كتاب العراق على غير بلوى إبراهيم بن إسماعيل بن داود، وأحمد بن يوسف، فلما قدم امتحنهما فتعنّتا، فاستنهضهما في الأعمال ففشلا، فلم يعملا على شيء حتّى هلكا.
وكان إبراهيم شعوبيا، وكان يتهم بالثّنويّة. فإن كان ذلك صحيحا فقد كانت صبابته بها على جهة التقليد فيها، لا على جهة التفتيش والاحتجاج فيها. وهذه علة المرتدّ من سائر الكتّاب.
وقد قال أهل الفطن: إنّ محض العمى التقليد في الزندقة؛ لأنّها إذا رسخت في قلب امرىء تقليدا أطالت جرأته، واستغلق على أهل الجدل إفهامه.
وكان أحمد بن يوسف مأفونا، وهو أول من قرف بالآفة المخالفة لطبع الكتّاب.
واستقضى على ديوان الخراج والجند إبراهيم الحاسب، والحسن بن أبي المشرف. فلقن إبراهيم من سائر الآداب والعلوم علم الحساب فقط، ولم يفزع إليه في قضية ولا رأي حتّى هلك، فكان الذي وضعه وأدناه شرهه، وهي علّة قائمة في كتّاب الجند خاصة.
واستضعف ولاة الدواوين الحسن بن أبي المشرف عند قول الفضل [ابن] مروان له وهو على الوزارة: «يا حسن، احتجنا إلى رجل جزل في رأيه، متوّفر لأمانته، متصرّف في الأمور بتجربته، مستقدر على الأعمال بعلمه، تصف لنا مكانه، وتشير علينا به، فنقلّده جسيما من عملنا» . فأجابه سريعا قال: وجدته لك- أصلحك الله- كذلك. قال: من هو؟ قال: أنا. وألحّ