وعرفنا علل الناس في مكاسبهم وتعاملهم، فمن كانت علّته أكرم كان كرم فعاله أعمّ.
ولست أعلم علّة في مكتسب أنبل عند الخاصّة من مكسبكم.
ثمّ وصف من سلف من هذه الطّبقة يوما فقال: كتب سالم لهشام بن عبد الملك، وكان أشدّ الناس غلطا، وأضعفهم رأيا، وكان هشام يحضره فيسمع من ضعفه ويستميحه الرأي، يهزأ به.
ثم كتب لهم مسعدة وكان مؤدّبا، وكانت ضعفة المؤدّبين فيه.
ثم كتب لهم عبد الحميد وكان معلّما، وبتحامله على نصر بن سيار انتقضت خراسان، وزال ملك بني مروان.
ثم كتب لبني العباس عبد الله بن المقفّع، فأغرى بهم عبد الله بن علي، ففطن له وقتل وهدم البيت على صاحبه.
ثم كتب لهم يونس بن أبي فروة، وكان زنديقا، فطلب فاختفى بالكوفة والنّيل حتّى هلك.
واستكتب الرشيد أزدانقاذار على ديوان الخراج، وكان ثنويّا.
ثم لم ينوّهوا بذكر كاتب حتّى ولى المأمون، فقدم معه ابن أبي العباس الطّوسي، فبه انتشرت السّعاية بالعراق.
واستكتب أبا عبّاد، وكان بالرّي مؤدّبا، وكان سخيفا حديدا، ولم يزل بمكانه في ديوانه قيّما لابن أبي خالد الأحول والاسم له.
ثم كتب له رجاء بن أبي الضحّاك، وكان أظلمهم وأغشمهم، واستخلف حفصويه على ديوان الخراج، وكان ركيكا لسعايته.