وثمة ميزة اخرى للمدينة هي خلوها من الطاعون والجذام وهذا راجع الى طيب هوائها.
والميزة الثالثة التي نقع عليها في المدينة هي شهرتها في الفقه حتى قال عبد الملك بن مروان يمدح روح بن زنباع: «جمع ابو زرعة فقه الحجاز، ودهاء العراق، وطاعة اهل الشام» .
والبلد الثالث الذي تكلم عليه ابو عثمان هو مصر التي ورد ذكرها في القرآن.. وكان ملكها القديم يدعى فرعونا. وتشتهر مصر بمنف او قصر فرعون المصنوع من الحجر الصلد. كما تشتهر بمهارة اهلها في السحر. ويشير الجاحظ الى خراجها الضخم الذي يدل على خصبها والبالغ اربعة آلاف دينار.
وبعد مصر تحدث ابو عثمان على الكوفة والبصرة في العراق. واورد قول زياد الجامع في صفاتهما: «الكوفة جارية جميلة لا مال لها، فهي تخطب لجمالها، والبصرة عجوز شوهاء ذات مال فهي تخطب لمالها» . والبصرة خير من الكوفة لأنها اوسع ارضا واكثر عددا وادنى الى البحر وانقى هواء واخصب تربة واكثر عمرانا.
وماء البصرة عذب صاف عندما يبيت في القلى. والآجر الذي تصنع منه البيوت اصفر، وبين الآجر يوضع الجص الابيض فتبدوا المنازل اقرب الى الفضة بين تضاعيف الذهب.
وماء الكوفة أسرع الى الجفاف. ومعظم الكوفة خراب يباب تشبه قرية من القرى يسمع قربها ضباح الثعالب واصوات السباع.
ونخيل البصرة اكثف واجمل ولا تجد نخلة في الكوفة الا واعوجت كالمنجل.
واسواق الكوفة تدل على فقر اهلها، وهم يكرهون اهل البصرة اكثر مما يكرههم هؤلاء. وأهل البصرة احسن جوارا واقل بذخا واقل فخرا» .