صحيحة فإن الصحيح كما أنه موجود في الصحيحين فهو موجود في غيرهما وقد أوضحت ذلك في رقم 5.
أما الذين لم يلتزموا بإخراج الحديث الصحيح في كتبهم فهم يخرجون فيها الصحيح وغيره ومنهم من يبين درجة الحديث صحة وضعفا أو يبين حال بعض رجال إسناده ومنهم من لا يبين شيئا من ذلك اكتفاء بإيراده الإسناد الذي يتمكن من له أهلية النظر فيه من معرفة درجة الحديث وذلك بدراسة إسناده وماله من متابعات أو شواهد وهذه المؤلفات المشار إليها للنسائي والدارقطني والدارمي ليس كل ما فيها صحيحا وليس كل ما لم تشمله يكون ضعيفا كما يعرف ذلك صغار طلاب العلم وبناء على ذلك كان خلاف الواقع حتما ما زعمه الشيخ ابن محمود من أن "البخاري ومسلما والنسائي والدارقطني، والدارمي لم يذكروا أحاديث المهدي في كتبهم المعتمدة وما ذاك إلا لعلمهم بضعفها وأن الدارمي وهو شيخ أبي داود والترمذي قد نزه مسنده عنها" فإن تعليله عدم إخراجهم تلك الأحاديث في كتبهم بقوله: "وما ذاك إلا لعلمهم بضعفها" افتيات عليهم ولا يكون ذلك مطابقا للواقع إلا لو وجد عنهم نصوصا تدل على أن سبب عدم ذكرهم إياها علمهم بضعفها، وأنى له ذلك، وكذا ما زعمه من أن الدارمي قد نزه مسنده عنها فإنه لا يقال لما لم يخرجه فيه أنه نزهه عنه إلا لو وجد عنه نص في شيء من ذلك كما لا يقال أن كل ما أخرجه فيه نزيه لأنه لم يلتزم إخراج الصحيح وقد قال الحافظ العراقي - كما نقله عنه السيوطي في تدريب الراوي: "اشتهر تسميته - يعني مسند الدارمي - بالمسند كما سمى البخاري كتابه بالمسند لكون أحاديثه مسندة" قال: "إلا أن فيه المرسل والمعضل والمنقطع والمقطوع كثيرا" انتهى.
ومعلوم أن المرسل والمعضل والمنقطع من أنواع الضعيف أما كون الدارمي الذي لم يخرج أحاديث المهدي في مسنده شيخا لأبي داود والترمذي اللذين خرجا أحاديث المهدي في كتابيهما فإن ذلك لا يقدح في إخراجهما هذه الأحاديث لأنه لا يلزم أن يكون ما خرجه تلميذ في كتابه طبقا لما خرجه شيخ له في كتابه وهذا من البديهيات ولو أن الدارمي خرج أحاديث المهدي في مسنده لما سلم من الدخول تحت قول ابن محمود: "ثم إن من عادة العلماء المحدثين والفقهاء المتقدمين أن بعضهم ينقل عن بعض الحديث والقول على علاته تقليدا لمن سبقه" إلى آخر كلامه الذي سقته وأجبت عنه في رقم 6.
39- وقال الشيخ ابن محمود في ص 85: "فلا حاجة للمسلمين في أن يهربوا عن واقعهم ويتركوا واجبهم لانتظار مهدي يجدد لهم دينهم ويبسط العدل بينهم فيركنوا إلى الخيال والمحالات ويستسلموا للأوهام والخرافات ثم يفرض عليه علماؤهم التحجر الفكري والجمود الاجتماعي على اعتقاد ما تربوا عليه في صغرهم وما تلقوه عن آبائهم ومشايخهم أو على رأي عالم أو فقيه يوجب الوقوف على رأي مذهبه وعدم الخروج عنه وعلى أثره يوجب عليهم الإيمان بشخص غائب هو من سائر البشر يأتي في آخر الزمان فينقذ الناس من الظلم والطغيان".
أقول: إن الله قد تكفل ببقاء هذا الدين وأن الموفقين لسعادة الدنيا والآخرة في مختلف العصور من جعلهم الله من أنصار دينه وفي صحيح البخاري من حديث معاوية رضي الله عنه سمعت رسول الله