صلى الله عليه وسلم يقول: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي ولا تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله"، فلا يخلو عصر من العصور من إقامة شرع الله. والمهدي الذي أَخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم ما هو إلا حلقة في أواخر سلسلة طويلة ينصر الله به في زمنه دينه ذلك الزمن الذي يستشري فيه الشر ويخرج الدجال الأعظم، وليس للمسلمين في أي زمن أن يتركوا ما أوجبه الله عليهم من نصرة الدين اتكالا على ما جاء في أحاديث المهدي أما وصف الشيخ ابن محمود، التصديق بخروج المهدي بأنه ركون إلى الخيال والمحالات واستسلام للأوهام والخرافات فسبق أن ذكرت أن هذه المسألة من الأمور الغيبية وقد أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في أحاديث صحيحة عن خروجه في آخر الزمان والواجب التصديق بكل خبر يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأما ما تضمنه بقية كلامه من العتب على العلماء في بيانهم ما تضمنته النصوص من التصديق بشخص يأتي في آخر الزمان فإن واجب العلماء أن يكون كلامهم وبيانهم مبنيا على الأدلة الشرعية الثابتة لا على شبه عقلية واهية وهذا هو ما قام به علماء هذه الأمة سواء في الأخبار أو الأحكام.
40- وقال الشيخ ابن محمود في ص 4: "فإن قيل: كيف عرفتم أن هذه الأحاديث الكثيرة المسندة والمسلسلة عن عدد من الصحابة بأنها مختلقة وهي في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجة ومسند الإمام أحمد والحاكم وغيرها من الكتب؟.
فالجواب: أن هذه الأحاديث الكثيرة التي تبلغ خمسين حديثا في المهدي عند أهل السنة بعضها يزعمونها صحاحا وبعضها من الحسان وبعضها من الضعاف - إلى أن قال- فهذه الأحاديث هي التي أخذت بمجامع قلوب الأكثرين من علماء أهل السنة على حد ما قيل: والقوة للكاثر، على أن الكمية لا تغني عن الكيفية شيئا وأكثر الناس مقلدة، يقلد بعضهم بعضا وقليل منهم المحققون، فإن المحققين من العلماء المتقدمين والمتأخرين قد أخضعوا هذه الأحاديث للتصحيح والتمحيص وللجرح والتعديل فأدركوا فيها من الملاحظات ما يوجب عليهم ردها وعدم قبولها - ثم ذكر بعض الشبه في ذلك ثم قال: - فهذه وما هو أكثر منها مما جعلت المحققين من العلماء يوقنون بأنها موضوعة على لسان رسول الله وأنها لم تخرج من مشكاة نبوته وليست من كلامه فلا يجوز النظر فيها فضلا عن تصديقها". وقال في ص 36: "وقد كاد أن ينعقد الإجماع من العلماء المتأخرين من أهل الأمصار على تضعيف أحاديث المهدي وكونها مصنوعة وموضوعة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل التعارض والتناقض والمخالفات والإشكالات مما يجعل الأمر جليا للعيان ولا يخفى إلا على ضعفة الأفهام، والله يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم".
وقال في ص 37: "وأرجو بهذا البيان أن تستريح نفوس الحائرين ويعرفوا رأي أهل العلم والدين في هذه المشكلة التي تثار من آن لآخر، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل".
... وتعليقي على هذا الكلام أقول:
أورد الشيخ ابن محمود على نفسه سؤالا خطيرا قائلا: "فإن قيل: كيف عرفتم أن هذه الأحاديث الكثيرة المسندة والمسلسلة عن عدد من الصحابة بأنها مختلقة وهي في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجة