شرحه بكتابه لوامع الأنوار البهية الذي يقول الشيخ ابن محمود أنه نقل فيه عن الشوكاني أحاديث المهدي أن الوقت الذي كان السفاريني يؤلف فيه كتابه لوامع الأنوار البهية كان الشوكاني قبل سن الخامسة عشرة، وأحدهما في أرض الشام والثاني في أرض اليمن، والحاصل أن من العجب أن يجعل الشيخ ابن محمود السفاريني في الزمن بعد الشوكاني وأعجب منه أن يزعم أن السفاريني نقل في كتاب الأنوار البهية عن الشوكاني أحاديث المهدي وأما ما أشار إليه من رواية العلماء المتقدمين الأحاديث الكثيرة في المهدي المتناقضة والمتضاربة فسبق أن أوضحت أن ما كان منها ضعيفا لا يلتفت إليه وما كان منها صحيحا فهو مؤتلف غير مختلف ومتفق غير مفترق وذلك في رقم 7.
37- أثنى الشيخ ابن محمود في ص 26 على من وصفهم بعلماء الأمصار فقال: "إن علماء الأمصار - والحق يقال - متى طرقوا بحثا من البحوث العلمية التي يقع فيها الجدال وكثرة القيل والقال فإنهم يتبعون البحث تحقيقا وتدقيقا وتمحيصا وتصحيحا حتى يجعلوه جليا للعيان وصحيحا بالدلائل والبرهان وليس من شأن الباحث أن يفهم من لا يريد أن يفهم وقد قرروا قائلين: إن أساس دعوى المهدي مبني على أحاديث محقق ضعفها وكونها لا صحة لها الخ"، وقال في ص 28: "إن بعض علمائنا عندما يرى أحدهم شيئا من الرسائل والبحوث الصادرة من علماء الأمصار المتأخرين وهي تعالج شيئا من المشاكل الهامة التي يمتد الخلاف فيها ويهتم كل الناس بأمرها كمسألة المهدي ونحوها فلا يعطي هذه الرسالة شيئا من الاهتمام والنظر خصوصا عندما يعرف أنها تخالف رأيه واعتقاده الخ".
وأقول تعليقا على هذا القول: إن من يطلع على هذا الكلام وهو خال الذهن قد يظن أن علماء الأمصار هؤلاء الذين يشبعون البحث تحقيقا وتدقيقا وتمحيصا وتصحيحا حتى يجعلوه جليا للعيان وصحيحا بالدلائل والبرهان هم من الجهابذة المتضلعين في علمي الرواية والدراية ولم يدر أنه ليس لدى الشيخ ابن محمود من هؤلاء المدققين المحققين الممحصين المصححين إلا أمثال أحمد أمين ومحمد فريد وجدي، ثم إن رسالة الشيخ ابن محمود في المهدي هذه هي من بحوث علماء الأمصار المتأخرين ويتضح للقارئ من خلال وقوفه على أخطائه الكثيرة التي لا يعذر في مثل بعضها طلاب العلم المبتدئون وخاصة ما أشرت إليه في أرقام 8 و 11 و 12 و 19 و 22، يتضح للقارئ أن هذا البحث لم يتبع تدقيقا وتحقيقا وتمحيصا وتصحيحا بل لم يشم رائحة هذه الصفات.
38- وقال الشيخ ابن محمود في ص 7: "وقد أعرض أكثر العلماء المحدثين عن إثبات أحاديث كثيرة في كتبهم عن أهل البيت لتسلط الغلاة على إدخال الشيء الكثير من الكذب في فضائلهم كما تحاشى عنها البخاري ومسلم والنسائي والدارقطني والدارمي فلم يذكروها في كتبهم المعتمدة وما ذاك إلا لعلمهم بضعفها مع العلم أن الدارمي هو شيخ أبي داود والترمذي وقد نزه مسنده عن أحاديث المهدي فلا ذكر لها فيه".
ويجاب عن ذلك بأن العلماء المحدثين الذين قاموا بتدوين الحديث الشريف في مصنفاتهم منهم من لا يلتزم بإخراج الصحيح ومنهم من يلتزم بإخراج الحديث الصحيح دون غيره كالبخاري ومسلم في صحيحيهما لكن لم يقل أحد من أهل العلم أن الأحاديث التي لا يخرجها الشيخان في الصحيحين غير