المصرية قال فيها بعد أن ذكر كلام ابن خلدون وتعقب صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داود عليه قال وأقول: "قول العلامة الهندي في هذه الأحاديث أقرب إلى الصواب من قول من جزم بضعفها كلها فمن صح عنده حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم منها أو من غيرها وجب عليه قبوله والاعتقاد بمدلوله ومن علم بضعف الحديث وتيقنه لم يجب عليه شيء من ذلك، وإذا اعتبرنا هذه الأحاديث الواردة في المهدي بخصوصها وجدنا التي لم يصرح فيها باسمه أقوى ورأينا الضعف غالبا على ما ذكر فيها اسمه ولهذا قلت في الكواكب لما قال السفاريني: "فكلها صحت به الأخبار" أي بأكثرها فإن الأحاديث التي فيها ذكر المهدي لم تصح عند علماء الحديث ولم أقل الواردة في شأن المهدي ليشمل التعميم ما لم يذكر فيها فإن التي لم يذكر فيها اسمه بل ذكر نعته فيها القوي والضعيف ولهذا نعتقد ونجزم بخروج رجل من أهل البيت آخر الزمان اسمه محمد ابن عبد الله يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وكذلك قولنا فلا نعتقد بمجيء المهدي مرادنا أن هذا اللفظ غير ثابت فلا يجب أن يسمى محمد بن عبد الله الذي يخرج في آخر الزمان بالمهدي بل تسميته بذلك جائزة لا واجبة إذ هذا اللفظ غير ثابت عند علماء الحديث ولعل أحدا أن يظن أن المقصود من عبارة الكواكب هو القول بعدم مجيء المهدي مطلقا كما هو قول بعض الأئمة وليس كذلك بل المراد ما قدمناه من أن هذا اللفظ غير ثابت وإنما الثابت أن اسمه مواطئ لاسم النبي واسم أبيه مواطئ لاسم أبيه فالإيمان بذلك واجب على الإجمال والإطلاق" إلى أن قال: "وقد خرج جماعة من العلماء عن الاعتدال في هذه المسألة فبالغ طائفة في الإنكار حتى ردوا جملة من الأحاديث الصحيحة وقابلهم آخرون فبالغوا في الإثبات حتى قبلوا الموضوعات والحكايات المكذوبة" إلى أن قال: "وبهذا التوضيح والتبيين يزول الإشكال ويتبين المراد وبالله التوفيق".
أقول: وبهذا يتضح أن الشيخ ابن مانع رحمه الله لا يقول بتضعيف أحاديث المهدي كلها بل يقول بصحة بعضها ويعتقده، وأضيف أن بعض الأحاديث التي جاء فيها لفظ المهدي ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا: "ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي تعال صل بنا". الحديث أخرجه الحارث ابن أبي أسامة في مسنده وقال فيه ابن القيم إسناده جيد ومنها الحديث الذي رواه أبو داود في سننه عن أبى سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهدي مني أجل الجبهة" الحديث قال فيه ابن القيم رواه أبو داود بإسناد جيد وأورده البغوي في مصابيح السنة في فصل الأحاديث الحسان.
14- قال الشيخ ابن محمود في ص 9:
"وكلام العلماء من المتأخرين كثير وأعدل من رأيته أصاب الهدف في قضية المهدي هو أبو الأعلى المودودي حيث قال في رسالة اسمها البيانات عن المهدي: "إن الأحاديث في هذه المسألة على نوعين: أحاديث فيها الصراحة بكلمة المهدي وأحاديث إنما أخبر فيها بخليفة يولد في آخر الزمان ويعلي كلمة الإسلام وليس سند أي رواية من هذين النوعين من القوة حيث يثبت أمام مقياس الإمام البخاري لنقد الروايات فهو لم يذكر منها أي رواية في صحيحه وكذلك ما ذكر منها الإمام مسلم إلا رواية واحدة في صحيحه ولكن ما جاءت فيها أيضا الصراحة بكلمة المهدي"، وقال: "لا يمكن بتأويل مستبعد أن في الإسلام منصبا دينيا يعرف بالمهدية يجب على كل مسلم أن يؤمن به ويترتب على عدم الإيمان به طائفة من النتائج الاعتقادية والاجتماعية في الدنيا والآخرة" وقال: "مما يناسب ذكره في هذا الصدد أن ليس من عقائد الإسلام عقيدة عن المهدي ولم يذكرها كتاب من كتب أهل السنة للعقائد" انتهى.
وأقول جوابا على ذلك:
أولا: كون أحاديث المهدي لم ترد في الصحيحين لا يؤثر ذلك في قبولها فما صح من الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو مقبول سواء كان في الصحيحين أم لم يكن فيهما وسبق إيضاح هذا في رقم 5.