ثانيا: قوله: ولا يمكن أن يستنبط من هذه الروايات ولو بتأويل مستبعد أن في الإسلام منصبا دينيا يعرف بالمهدية يجب على كل مسلم أن يؤمن به ويترتب على عدم الإيمان به طائفة من النتائج الاعتقادية والاجتماعية في الدنيا والآخرة يجاب عن هذا بأنه يستنبط من الأحاديث الصحيحة في شأن المهدي حصول الأخبار من الرسول صلى الله عليه وسلم بوجود إمام للمسلمين عند نزول عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام من السماء يواطئ اسمه اسم الرسول صلى الله عليه وسلم واسم أبيه اسم أبيه ومن أهل بيته يقال له المهدي والواجب على كل مسلم أن يصدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به من أخبار عن أمور مغيبه مطلقا ومن ذلك ما كان في المستقبل كإخباره عن المهدي وعن الدجال وغير ذلك.

ثالثا: قوله: "ومما يناسب ذكره بهذا الصدد أنه ليس من عقائد الإسلام عقيدة عن المهدي ولم يذكرها كتاب من كتب أهل السنة للعقائد" يجاب عنه بأن من عقائد أهل السنة التصديق بكل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأخبار ومن ذلك إخباره بشأن المهدي وقد قال السفارينى في عقيدته: "فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة" انتهى.

وذكر ذلك الشيخ الحسن بن علي البربهاري الحنبلي المتوفى سنة 329 هـ في عقيدته المثبتة ضمن ترجمته في كتاب طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى الحنبلي.

15- قال الشيخ ابن محمود في ص 70:

بعد كلامه عن الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع المتقدم قال: "كما رأيت أيضا لمنشئ مجلة المنار محمد رشيد رضا رسالة ممتعة يحقق فيها بطلان دعوى المهدي وأن كل الأحاديث الواردة فيه لا صحة لها قطعا وأشار إلى بطلان دعواه في تفسير المنار" ونقل في ص 62 والصفحتين بعدها شيئا من كلامه في دعوى بطلان أحاديث المهدي ومنه في ص 64 قوله:

"وردت أحاديث في المهدي منها ما حكموا بقوة إسناده ولكن ابن خلدون عني بإعلالها وتضعيفها كلها ومن استقصى ما ورد في المهدي المنتظر من الأخبار والآثار وعرف مواردها ومصادرها يرى أنها كلها منقولة عن الشيعة".

والجواب أن نقول:

أولا: اعتماد الشيخ محمد رشيد رضا على بطلان الأحاديث الواردة في المهدي مبني على إعلال ابن خلدون لأحاديث المهدي وسبق أن أوضحت أن ابن خلدون ليس ممن يعتمد عليه في مجال نقد الأحاديث والحكم عليها صحة أو ضعفا لأنه ليس من أهل الاختصاص.

ثانيا: ما ادعاه من أن الأحاديث في المهدي كلها منقولة عن الشيعة مردود بأن أحاديث المهدي عند أهل السنة مدونة في كثير من الكتب المعتمدة في السنن والمسانيد وغيرها بأسانيد تنتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق صحابته الكرام رضي الله عنهم أما الأحاديث عند الشيعة فهي تنتهي إلى أئمتهم المعصومين في زعمهم وقد تصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وما صح من الأحاديث الواردة في المهدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا علاقة له بالشيعة ولم ينقل عن الشيعة ثم إن المهدي عند الشيعة هو محمد بن الحسن العسكري صاحب السرداب أما المهدي عند أهل السنة فاسمه مواطئ اسم الرسول صلى الله عليه وسلم واسم أبيه اسم أبيه فعقيدة أهل السنة في المهدي في واد وعقيدة الشيعة في مهديهم في واد آخر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015