فإن قيل المراد أن يعطيه بدون السؤال فلا يُحْوجه أن يسأل.
قيل لم يحصل لأحد جميع مطالبه الدينية والدنيوية بدون السؤال لا لأُلي العزم ولا لمن دونهم بل سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم كان أعظم الناس سؤالاً لربه وبذلك أمَرهُ به فقال وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [محمد 19] وقال وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) [طه 114] وقد ثبت في الصحيح أنه كان يوم بدرٍ يقول اللهمَّ أنجزْ لي ما وعدْتَني اللهم اللهم حتى أنزل الله الملائكة.
والأدعية في القرآن كثيرة مثل قوله رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة 286] الآية فهذا دعاء شَرَعَه الله لرسوله وللمؤمنين.
والأدعية في الأحاديث الصحيحة كثيرة جدًّا مما كان يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعلمها للمؤمنين بل المقام المحمود الذي يَغْبِطُه به الأوَّلون والآخرون هو الشفاعة يوم القيامة وهو سؤالٌ لربِّه ودعاءٌ له فإذا كان في أفضل مقاماته داعيًا لربه فكيف يكون غيره مُستغنيًا عن السؤال؟!
وأصحابه رضي الله عنهم كانوا إذا توسَّلوا به واستشفعوا به واستسقوا به إنما يتوسَّلون بدعائه وسؤاله وهذا هو استشفاعُهم به واستسقاؤهم به ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الحديث الصحيح لمَّا أَجْدَب الناسُ عامَ الرَّمادة اللهم إنّا كُنَّا إذا أجْدَبْنَا نتوسَّلُ بنبينا فتَسْقِينا وإنا نتوسَّلُ إليك بعَمِّ نبينا فاسْقِنا فإنما كانوا