وذلك مثل قوله في الحزب الكبير فالسعيدُ حقًّا من أغنيتَه عن السؤال منك والشقيُّ حقًّا من حرمْتَه مع كثرة السؤال لك فاغْنِنا بفضلك عن سؤالنا منك ولا تحرمنا من رحمتك مع كثرة سؤالنا لك.
فيقال من المعلوم أنَّ أحدًا من المكلَّفين لا يستغني عن سؤال الله بل السؤال عليه فرضٌ في صلاته بقوله اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) [الفاتحة 6-7] وهذا دعاء واجب على كل مسلم في كل صلاة لا صلاة إلا به وعند جمهور العلماء أنه رُكنٌ في الصلاة لا تصح إلا به وهو قال مالك والشافعي وأحمد والمشهور عند أبي يوسف وعند بعضهم وهو واجب وتاركه مسيء وإن لم يوجبوا عليه الإعادة كما يقوله أبو حنيفة ومحمد.
ومعلومٌ أنَّ ما كان واجبًا على العبد لم يكن مُستغنيًا عنه إذ لا بدَّ للعبد من أداء الواجبات والصلاة عمود الدين لا تسقط لا عن الأنبياء ولا عن الأولياء ولا غيرهم ومن اعتقد سقوطَها عن خواصِّ الأولياء فإنه يُستتاب فإن تابَ وإلا قُتِل.
فإنَّ كثيرًا من أهل الضلال يعتقدون سقوط الواجبات عن الأولياء الواصلين إلى الحقيقة ويتأولون قوله وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) [الحجر 99] قالوا فإذا حصل اليقين سقطت العبادة وهذا من جنس قول القرامطة الباطنية من المتفلسفة وغيرهم الذين