النسطورية فإنهم يقولون بالحلول كحلول الماء في الظرف وهم أقل النصارى كفرًا وإلحادًا وإن كان الجميع كفارًا ملحدين.
ومعلوم أن الرب تعالى يمتنع عليه أن تستحيلَ ذاتُه مع ذات بعض المخلوقات شيئًا ثالثًا كالماء واللبن فإن هذا إنما يكون في المخلوقين اللذين مخلطهما وممزجهما ثالث غيرهما فأما الخالقُ لكل ما سواه الغنيّ عن كل ما سواه الذي يستحيل أن يفتقر إلى شيء غنيٍّ عنه أو يؤثر فيه ما هو غني عنه الذي كل ما سواه فقير إليه وكل ما يحدث فيما سواه فبقدرته ومشيئته حَدَثَ وَوُجِد.
وإذا أمر الخلق بالدعاء وأجابهم وأمرهم بالعمل وأثابهم فهو الذي جعلهم يدعون ويعملون وهو الذي جعلهم يتوبون وهو سبحانه يحب التوابين ويحب المتطهرين ويفرح بتوبة التائبين ويرضى عن المؤمنين فهو الذي خلق الأمور التي ترتب عليها ما ترتب فهو الخالق للأسباب والمسببات والفاعل للبدايات والغايات.
فإذا فرح بتوبة التائب فهو الذي جعله تائبًا وإذا رضي عن المؤمنين فهو الذي جعلهم يفعلون ما أرضاه فما إلا ما خلقه وما أفرحه إلا ما شاءه إذ لا يكون في ملكه شيء بدون مشيئته وقدرته وخلقه سبحانه.