وهؤلاء أهل الوحدة من شرِّ هؤلاء فإنَّ هؤلاء جعلوا الوجود الخالق هو الوجود المخلوق وإن أثبتوا تعدُّدًا وسموا ذلك المظاهر وفرقوا بين الثبوت والظهور والوجود ونحو ذلك فهو كلام متناقض لا حقيقة له بل يجمعون بين النقيضين كما يصنع إخوانهم المتفلسفة في واجب الوجود إذ يصفونه بصفات الممتنع الوجود فيجمعون بين النقيضين.
وكذلك إخوانهم النصارى إذ قالوا واحدًا بالذات ثلاثة بالأقنوم ثم يقولون إن المتحد بالمسيح هو أقنوم الابن فقط دون الأب وروح القدس ويقولون المسيح إله يخلق ويرزق.
فإنَّ هذا من أعظم التناقض فإن الأقانيم إن فسَّروها بالصفات فالصفة لا تخلق ولا ترزق ولا يمكن اتحادها بشيء دون الموصوف وإن فسروها بذوات تقوم بأنفسها لزم إثبات ثلاثة آلهة.
ويقولون باسم الأب والابن وروح القدس إله واحد وقد يمثلون هذا بقول القائل فلان طبيب حاسب كاتب فهو مع الطب له حكم ومع الحساب له حكم ومع الكتابة له حكم لكن هذا التمثيل غير مطابق لمذهبهم لأن هذا ذات واحدة لها ثلاث صفات ويستحيل أنَّ صفةً من الصفات تتحد أو تحل في شيء آخر دون الذات ودون غيرها من الصفات فيلزمهم إما بطلان التثليث وإما بطلان الحلول وهم مُلحدون في أصلي الدين الشهادة بالوحدانية وبالرسالة