والذين نازعوا الجُنيد في هذا كأبي الحسين النوري وأمثاله من المتصوفة حصل لهم من الاضطراب ما أوجب أمورًا مع أن النوري رحمه الله كان أصح من غيره وأعلى.
ولكن جاء قوم آخرون انحطُّوا عن هذه الدرجة فصاروا يشهدون الحقيقة الكونية القدرية ويرونها هي الغاية وأنَّ صاحبها لا يحتاج إلى الحقيقة الإلهية النبوية الشرعية بل يتصرَّف بما يَجده ويذوقه والوجد والذوق إن لم يكن موافقًا للأمر كان من اتِّباع الهوى ولهذا تجد كلَّ من يحتج بالحقيقة إنما هو متبع لهواه لا مطيع لمولاه لا يحتج بعلم إذ لو كان عنده علم لقال به قال الله تعالى سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148) [الأنعام 148] .
ومن هؤلاء من يقول إنما رجع إلى الأمر والنهي لأجل العامة أو لئلا يَخْرب المارَِسْتان إشارة إلى أن الأمر والنهي حينئذ سلكه