هذا الأصل إما بنص وإما بإجماعٍ من الصحابة والتابعين الذي احتج عليهم بقياسه، أو بإجماعٍ جدلي مُسَلَّمٍ منهم؛ وإلَّا فإذا كان مناظرًا لابن عمر وحفصة - أم المؤمنين - وزينب -رضي الله عنهم-، وَمَنْ ذُكِرَ معهم كابن عبَّاس وعائشة وأم سلمة وأبي هريرة وطاووس وعطاء والحسن البصري والقاسم وسالم وسليمان بن يسار وقَتَادة - رضي الله عنهم - وغير هؤلاء، ولم يُعرف أنَّه خالف هؤلاء من الصحابة والتابعين إلَّا رواية تروى عن بعضهم، ومعهم مَنْ هو دونهم؛ فإذا قاس العتاق على الطلاق فمن أين له أَنَّ هؤلاء الصحابة والتابعين كلهم يُسَلِّمون له أَنَّ الحلف بالطلاق يلزم؟ ومن أين له نص على ذلك من كتاب وسنة؟

ومعلومٌ أنَّه لم يُنقل عن أحدٍ من هؤلاء الصحابة في وقوع الحلف بالطلاق نقلٌ صحيحٌ صريحٌ، بل النقل الصحيح عنهم يدل على أنهم لا يُفَرِّقُون بين الحلف بالطلاق والحلف بالعتاق، بل يُسَوُّون بين الجميع، كما أنَّه لم يفرق أَحَدٌ من الصحابة بين الحلف بالطلاق والعتاق والحلف بالنذر، بل المنقول عنهم روايتان:

إحداهما: أَنَّ في الجميع كفارة يمين، والثانية: أنَّه يلزمه الجميع، لكن هذه الرواية ضعيفة من وجوه، وقد أجمع العلماء على ترك العمل بها، فلم يَعمل أحد من العلماء المعروفين بكل ما فيها.

فإذا كان الصحابة - رضي الله عنهم - ليس لهم إلَّا قولان والتابعون ومن بعدهم أجمعوا على ترك أحد القولين = تعين الأخذ بالقول الآخر للصحابة، ولم يجز أن يكون الصواب في قول ثالثٍ أحْدِثَ بعدهم، وهو الفرق بين الحلف بالطلاق والعتاق والحلف بالنذر، ولا يكون الصواب في القول الآخر الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015