أجمع الناس بعد الصحابة على تركه مع ضعف روايته عنهم (?).
وإذا كان المنقول عن الصحابة يدل على أَنَّ المؤثر عندهم في التكفير كون التعليق يمينًا، وَأَنَّ التعليق الذي قُصِدَ به اليمين هو عندهم يمين مكفرة = فالعموم المعنوي الذي يدل عليه كلامهم يبين ذلك، ونقل عنهم ألفاظٌ عامةٌ تدل على الحلف بالطلاق وغيره، ولم يَنقل أَحَدٌ عنهم أنهم فَرَّقُوا بين الحلف بالطلاق، والحلف بالعتاق، بل ولا عُرِفَ في المسلمين مَنْ قال هذا القول قبل أبي ثور - رحمة الله عليه-، وأَبو ثور لم يَنقل هذا الفرق عن أحدٍ قبله، ولكن رَكَّبَهُ من دليلين: من ظاهر القرآن عنده، ومما ظنه إجماعًا؛ وجماهير العلماء الأولين والآخرين يقولون هذا فرقٌ فاسد، وفساده ظاهر جدًّا= أفيجوز أن يجعل الأكثر الأفضل من الصحابة والتابعين قالوا هذا القول المفرق، ويقول إنهم أخطأوا في هذا الفرق، وقالوا قولا يعلم صبيان الفقهاء أنَّه خطأ، من غير أن ينقل هذا القول عنهم أحدٌ لا بإسنادٍ صحيحٍ ولا ضعيفٍ ولا بنقلٍ مرسلٍ، ومن غير أَنْ يكون في خلافهم ما يدل عليه، بل على خلافه.
فليس مع مَنْ يُلزم الصحابة والتابعين بهذا إلَّا مجرد ظنِّ واحد بعد القرون الثلاثة أنَّه لا نزاع في الطلاق، وهذا غايتُهُ أَنْ يَدَّعِي إجماعًا انعقد بعدهم على مسألة ما تكلموا فيها، ومثل هذا الإجماع لا يكون حجة عليهم في نفس الأمر إِنْ لم يكن معه نَصّ يكون حجة عليهم، والا فيمتنع أن يأمر الله - تعالى - الصحابة والتابعين باتباع إجماعِ قومٍ لم يُخْلَقُوا (?) بعد.