وإن كان متفقًا عليه بين المتناظرين (?) كانت هذه حجةً جدليةً لا علمية؛ وذلك يستفاد به بطلان قول أحد الخصمين إما في تلك المسألة وإما في غيرها، لا يستفاد العلم بها ولا بغيرها في نفس الأمر.
فإنه إذا قاس على أصلٍ مُسَلَّمٍ بينهما؛ فغايته أَنْ يُسَوِّي بين الفرع وذلك الأصل، ويقول لمناظره: أنت قد فَرَّقْتَ بينهما فأخطأت في الفرق.
وحينئذٍ؛ فيقول له مناظره: يمكن أَنْ يكون خطئي في موافقتك على الأصل، ويمكن أَنْ يكون خطئي في مخالفتك في الفرع ولم تُقِم دليلًا على أحدهما؛ فلا يَلزم من كوني مخطئًا في نفي الحكم في الفرع أَنْ تكون أنت مصيبًا في إثبات الحكم فيهما، بل قد يكون الصواب قول ثالث وهو نفي الحكم فيهما (?)، وحينئذٍ؛ فيكون خطئي حيث قيل في إثباته في الأصل وحده أقل من خطئك حيث أثبته فيهما.
وكثيرٌ من الأقيسة التي يستعملها متأخروا الفقهاء هو من هذا الباب، يَقيسون وينقضون بما يُسَلِّمُهُ المنازع وإن لم يُقِمْ عليه حجة علمية.
إذا عُرِفَ هذا؛ فَمَنْ أَرادَ أَنْ يَقيس قياسًا يُبَيِّنُ (?) به غلط أَحَدِ القولين الذي قائله من الصحابة والتابعين أكثر وأجل من أهل القول الآخر، فقاس التعليق القسمي بالعتق على التعليق القسمي بالطلاق = لم يكن له بُدٌّ أَنْ يُثْبِتَ