نعم؛ قد يقال: المُقَلِّدُ لَهُ تَقْلِيدُ آخِرِ قوليه؛ فإنَّ الأول قوله (?)، وأما المجتهد الذي يَحكي أقوال العلماء؛ فيحكي كُلَّ واحدٍ من قوليه كما يَحكي أقوال سائر العلماء، لجواز أَنْ يكون الصوابُ هو الأول دون الثاني (?).
ولهذا اتفق العلماء على حكاية الخلاف المنقول عن الصحابة والتابعين والعلماء بعدهم وإِنْ نُقِلَ عن أحدهم في المسألة ووايتان وأكثر. ولو لم يكن قوله إلا القول الثاني وهو لا يُعلم = لم يَجُز أَنْ يُحكى قولٌ عمن اختلفت الرواية عنه، لأنَّ قوله هو الآخر، وهو غير معلوم، فلم يُعلم له قول في المسألة، وَمَنْ لا يُعلم قوله لا يُحكى له قول ولا يُقَلَّد له قول.
فلما اتفق الناس على نقل الأقوال والروايات المختلفة عن الصحابة والتابعين وَمَنْ بعدهم من العلماء، والاعتداد بذلك في الإجماع والنزاع = دَلَّ ذلك على أنَّ هؤلاء يَعتدُّون في الإجماع والنزاع بالروايات الثابتة المنقولةِ عن السلف، وَإِنْ كان عن أحدهم روايتان. وفي إجماع أهل العلم قاطبة على ذلك إبطالٌ لقولِ هذا المعترض: (إذا لم نعلم الثانية لا يثبت الخلاف بالشك ولا الإجماع بالشك، بل نتوقف).
والعلماء قاطبة يذكرون ما عن الصحابة وغيرهم من الروايات المختلفة