فصلٌ
قال المعترض.
(واعلم أنه لو صح النقلان عنه، ولم يمكن الجمع بينهما، وفرضنا أنه أفتى بأحدهما في وقت ثم بالآخر في وقت آخر، فيكون الثاني رجوعًا عن الأول، ولا يعلم الثاني منهما، فلا يثبت الخلاف بالشك ولا الإجماع بالشك، بل نتوقف، فإن اتفق إجماع عن بعده اعتبر) (?).
والجوابُ عن وجوهٍ:
أحدها: أَنَّ الخلاف في ذلك ليس هو قول الحسن وحده، بل قول عددٍ من أئمة الصحابة والتابعين -كما تقدم-، فلو فرض أَنَّ الحسن خالفهم قولًا واحدًا = لم يوجب ذلك رفع نزاعهم؛ فكيف إذا كان أثبتُ الروايتين عنه موافقتَهُم؟ !
الثاني: أنه لو قُدِّرَ أنه لم يعلم آخر الروايتين، وكلاهما قاله في وقت؛ فقد (?) تنازع الناس في المجتهد إذا قال في المسألة قولين، هل يذكر الأول عنه؟
والصحيح الذي عليه الجمهور: أنه يحكى عنه كلا القولين، لأنَّ العلماء ليسوا كالأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- الذين يكون آخر قوليهم ناسخًا للأول، بل هم قالوا بالاجتهاد ليبينوا ما هو قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد يكون قوله الأول هو الصواب دون الثاني، فلا يمكن الجزم بأنَّ آخر قوليه هو الصواب.