وعدم الجزاء، بل قصده عدم الجزاء كان موجودًا قبل عقد اليمين، وهو موجود عند عقد اليمين، وهو موجود عند الحنث.
فَظَنَّ المعترض أَنَّ الحالف إنما عقد اليمين لقصد منع الجزاء، وهذا لا يقوله عاقل، ولا يَظُنُّ بالمجيب أنه أراد هذا مَنْ فيه نوعٌ من الإنصاف، فإنَّ المجيب قد بَيَّنَ حقائق ما في نفوس الناس من الإرادات والكراهات بيانًا شافيًا، وبَيَّنَ أَنَّ الحالف لم يزل كارهًا للجزاء، وإنما عَلَّقَهُ بالشرط لئلا يقع الشرط؛ فكيف يُظَنُّ به [أنه إنما أراد] (?) عقد اليمين لئلا يقع الجزاء = إلا مَنْ هو عديم الإنصاف.
ولو كان الحالف قد جَدَّدَ قصد منع الجزاء باليمين لكان ذلك مما يفيد كونه حالفًا، بل قصده عدم الجزاء أمر لازمٌ له، ثابت قبل اليمين وبعدها، ولكن قال: إن الحالف لم يقصد عتقًا يبتغي به وجه الله، وإنما حلف به قصدًا ألا يقع العتق، أي: حلف به قاصدًا ألا يقع العتق لا قاصدًا لوقوع العتق، ومن لم يقصد العتق لم يبتغ به وجه الله.
وإذا قيل: الحالف بالنذر والطلاق والعتاق والكفر والظهار (?) لم يقصد هذه الأمور، وإنما حلف بها قصدًا ألا تقع.
فالمراد: أنه حلف به قاصدًا أن لا يقع (?)، وهو -أيضًا- باليمين قصده أنها لا تقع، فكان قبل اليمين غير مريد لوقوعها، وقد يعزب عن قلبه حضور إرادتها بقلبه نفيًا وإثباتًا، وأما عند اليمين فهو يكره وقوعها،