ويقصد ألا تقع، ليس المراد أن العلة في حَلِفِهِ قصد عدم العتق ضرورة أنه جعله مفعولًا لأجله؛ فإنَّ المجيب قد دل كلامه كله على أنه لم يقصد هذا، وهذا اللفظ لو كان ظاهره أنه أراد ذلك = لكان الواجب أن يحمل المتشابه من كلامه على المحكم المعروف، بل لو أراد المجيب هذا المعنى فَسَدَ كلامه وفسد دليله، فإنه لو كانت العلة في حلفه قصد عدم العتق لكان الحامل له على اليمين هذا القصد، والعلة وإن كانت متقدمة في العلم والقصد فهي متأخرة في الوجود والحصول؛ فأول البغية آخر الدرك، وأول الفكرة آخر العمل (?).
وحينئذٍ؛ فكان عدم العتق لا يحصل إلا باليمين فيكون متأخرًا عن اليمين، ولو كان ذلك = لامتنع أن يحلف به، فإنه يكون محلوفًا لأجله لا محلوفًا به، كما لو قال: والله لا أعتق العبد وإن أعتقته فنسائي طوالق؛ فهنا قصد بيمينه مَنْعَ نفسه من العتق، وهذا المنع وكَّده بيمينه.
وأما إذا قال: إِنْ فعلتُ كذا فعبدي حر؛ فهنا العتق محلوف به، وهو كاره له ممتنع منه، غيرُ قاصدٍ له عند اليمين، وإنما حلف به ليمنع به نفسه من شيءٍ آخر، وهو الفعل الذي عَلَّقَ به العتق، وهذا أَمْر واضح يفهمه العام والخاص، لا يُظَنُّ بأقلِّ الناسِ أنه يفهم خلافه.