ثم اليمين بالله تعالى مُكَفَّرَة بالكتاب والسنة والإجماع، وكذلك اليمين بالنذر عند جمهور السلف والخلف تكفر، وعليه دَلَّ الكتاب والسنة، فكون الطلاق والعتاق مما كانوا يُحَلَّفُون به لا يمنع أن يكون من أيمان المسلمين المكفرة، كما كان الحلف بالله وبالنذر من أيمان المسلمين المكفرة وإن حلفوا بها.
وأما قوله: (وهذا أمرٌ مشهورٌ عند العوام من ذلك العصر، ولولا ذلك لم يمتنعوا منه، ولم يحلِّفوهم به، ولاكتفوا منهم بالأيمان بالله) (?).
فيقال: أما تسمية التعليق الذي يُقصد به اليمين أيمانًا فهو مشهورٌ عند الخاصة والعامة قبل ذلك العصر بل قبل الإسلام، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ حلفَ بملة غير الإسلام فهو كما قال" (?)، والصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر علماء المسلمين يسمون هذه أيمانًا.
وأما تحليف الولاة أو غيرهم بها؛ فلا ريب أنَّ الصحابة لم يكونوا يحلِّفونَ أحدًا بطلاق ولا عتاق ولا ظهار ولا حرام ولا نذر مثل: الحلف بالمشي إلى مكة وصدقة المال وغير ذلك من الأيمان التي أحدث الحجاج ومن بعده تحليف الناس بها في البيعة، بل أحدث بعض قضاة الحنفية تحليفَ الناس أيمانَ الحكمِ بالطلاقِ مع أنَّ هذه بدعةٌ لم تُعْرَف عن أحد من