يصح له ذلك منهم من يرشح أن يلقى إليه في المنام الأشياء العظيمة الخطرة، ومنهم من لا يرشح له ذلك، ولهذا قال اليونانيون: يجب للمعبر أن يشتغل بعبارة رؤيا الحكماء والملوك دون الطغام، وذلك لأن لهم حظًّا من النبوة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة "
وهذا العلم يحتاج إلى مناسبة بين متحريه وبينه، فرب حكيم لا يرزق حذقًا فيه، وربما نزر الحظ من الحكمة وسائر العلوم يرزق حظّا فيه، وتوجد له فيه قوة عجيبة.
وأما الزكانة: فضرب من الفراسة، وهي معرفة فعل باطن بفعل ظاهر بضرب من التوهم يقال: قد زكنتُ وأزكنتُ.
والقيافة: ضرب من الزكانة لكنه أدق وهو ضربان:
أحدهما: بتتبع أثر الأقدام والاستدلال به على السالكين.
والثاني: الاستدلال بهيئة الإنسان وشكله على نسبته.
وخص من العرب بالقيافة بنو مدلج، وقيل: إن ذلك بمناسبة طبيعية لا بتعلم، وهي محكوم بها في الشرع، وقال بعض الحكماء: خص اللَّه بذلك العرب، ليكون سببًا لارتداع نسائهم عما يورث شوب نسبهم، وخبيث حسبهم، وفساد بذورهم وزروعهم، صيانة لنسب النبوة، (وليكون ذلك شرفًا لنبيه - صلى الله عليه وسلم -، ولأجل حفظه تعالى نسبهم ذلك، قال تعالى: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)
أي: ليعرف بعضكم بعضًا بمعرفة أصله.