والكهانة، والعرافة، والإلهام، ودقة النظر، والرأي، والتدبر، وصحة الفكر، وسرعة الذكر، وجودة الحفظ، والبلاغة والفصاحة.
فأما الذكاء: فالمضاء في الأمور وسرعة القطع بالحق، وأصله من ذكت النار، وذكت الريح، وشاة مذكاة، مدرك ذبحها بحدة السكين، وذكي الرجل إذا تم فيه قوة الذكاء، لكن لما كان أكثر ما يوجد ذلك فيمن تمت سنُّه صار يعبِّر به عن تمام السن، ومنه قيل: " جَري المُذكِّياتِ غِلَابُ ".
وأما الذهن: فقريب من الذكاء، لكن يقال في إدراك ما وقع فيه التنازع.
وأما الفطنة: فسرعة إدراك ما يقصد إشكاله؛ ولهذا يكثر استعمالها في استنباط الأحاجي والرموز.
وأما الفهم: فمقدمة العقل، فمن لا يعرف معنى الشيء فهمًا لم يتحققه عقلًا، وقد سمي الفهم عقلًا، وإن كانت مرتبته دون مرتبة العقل، فقوة الفهم أن تدرك به الأشياء الجزئية والعقل يدرك كلياتها، ومعنى ذلك أن العقل يدرك أن العدالة حسنة، والظلم قبيح، والفهم يميز بين كل واحد من الفعل هل هو عدل أو جور.
وقد يوصف بالفهم من لا يوصف بالعقل، كالحاذق في لعب الشطرنج، وكل من يوصف بالعقل فإنه يوصف بالفهم.
فأما الخاطر: فحركة الفهم نحو الشيء، يقال: خطر الشيء ببالي ولا يقال:
خطر بالي بالشيء، فتجوز أن يكون ذلك من المقلوب كقولهم: عيش ناصب، وقد قيل في قولهم: عقلت الشيء وأحسست أنه أيضًا من المقلوب، فالشيء هو المؤثر في الحاسة والعقل لا هما فيه.
وأما الوهم: فانقياد النفس لقبول أثر ما يرد عليها من قولهم: حمل وهم وطريق وهم، والفرق بينه وبين الخاطر أن الخاطر يقال فيما لا تقبله النفس، والوهم لا يقال إلا فيما تقبله النفس.
وأما الخيال: فنحو الوهم لكن يقال اعتبارًا بما يكون من جهة الحاسة وفيما له صورة