ما، ومنه سمِّي الطيف الوارد من جهة المحبوب خيالًا، والخيال قد يقال لتلك الصورة في المنام وفي اليقظة، والطيف لا يقال إلا فيما كان حال النوم، ولهذا ينسب الطيف إلى الخيال لما كان ذلك من جوانبه. قال الشاعر:
نم فا ما زارَكَ الخيال وَلـ ... كِنَّك بالفكر زرت طيف الخيال
وأما البديهة: فمعرفة ثاقبه تجيء بلا فكر ولا قصد، فالبديه في المعرفة كالبديع في الفعل.
وأما الرويَّة: فما كان من المعرفة بعد فكر كثير وهو من روي.
وأما الكيس: فالقدرة على جودة استنباط ما هو أصلح في بلوغ الخير " ولهذا
قال - صلى الله عليه وسلم -: " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت " من حيث إنه لا خير يصل إليه الإنسان أفضل مما بعد الموت، وقول العرب: الكيس من الخيل، لتصورها بصورة الكيس، لأنها ذات كيس في الحقيقة، وكاس في مشيته، أي أظهر الكيس
برفع إحدى رجليه. وتسميتهم الغادر: كيسان إما على طريق المجاز، أو تنبيهًا أن الغادر يعد ذلك كيسًا أو لأن كيسان في الأصل اسم الغادر ثم سمي كل غادر كيسان كتسميتهم كل حداد هالكية.
وأما الخبر: فالمعرفة المتوصل إليها من قولهم خبرته، أي أصبت خبره، وقيل: هو من قولهم: ناقة خبيرة، وهي الخبرة عن غزارتها، أي غزيرة اللبن، فكأن الخبر هو غزارة المعرفة، ويجوز أن قولهم: ناقة خبيرة، أي: الخبرة عن غزارتها كقولهم: ناقة ناجرة.
وأما الظن: فإصابة المطلوب بضرب من الأمارة، ولما كانت الأمارات مترددة بين يقين وشك، فتقرب تارة من طرف اليقين، وتارة من طرف الشك جاز تفسير أهل اللغة بهما، فمتى رؤي إلى طرف اليقين أقرب استعمل " أنَّ " المثقلة والمخففة منها نحو قوله تعالى: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ)
وقوله: (وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ)
ومتى رؤي إلى طرف الشك أقرب استعمل معه " أن " التي للمعدومين