الناس متى تركوا تعاطي الإحسان والأفضال وتحري العدالة فيما يينهم، فلا يأتونها
لا خلقًا ولا تخلقًا، ولا رياءً ولا سمعة، ولا رغبةً ولا رهبةً، فصاروا في تعاطي الشر سواسية كأسنان الحمار (، عدمت فيهم الفضيلة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لن يزال الناس بخير ما تباينوا فإذا تساووا هلكوا ".
فحينئذ إن بقي في نفوسهم أثر قبول الخير أنشأ اللَّه فيهم من يهديهم باللسان
والسيف المحق كبعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - في العرب لما بقي فيهم من أثر الخير من تعظيم الشهر الحرام، والبيت الحرام، والوفاء بالذمام.
وإن قلَّ فيهم أثر قبول الخير سلط الله عليهم سيفًا جائرًا كما قال تعالى: (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129)
وكما قال - صلى الله عليه وسلم -: " إنَّ اللَّه ينتصف من أوليائه بأوليائه ومن أعدائه بأعدائه "، وعاملهم بما عامل به بني إسرائيل
حيث سلط عليهم بختنصر، وقد ذكر ذلك في قوله تعالى: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) .
وإن عدم منهم أثر القبول بعث عليهم عذابًا يفنيهم، إما طوفانًا أو صيحة أو نارًا محرقة أو ريحًا فيها عذاب أليم، أو الجراد والقمل والضفادع والدم؛ ليطهر منهم البلاد، ويريح منهم العباد، كما صنع اللَّه تعالى بعاد، وثمود، وقوم نوح، وقوم