يكون ثلاثين وقد يكون تسعة وعشرين: هذا إذا كانت المسافة بين البلدين قريبة لا تختلف فيها المطالع. فأما إذا كانت بعيدة فلا يلزم أحد البلدين حكم الآخر، لأن مطالع البلاد عند المسافة البعيدة تختلف فيعتبر في أهل كل بلد مطالع بلدهم دون البلد الآخر. (?)
(د) اختلاف المطالع: أي مطلع الشمس وزوالها وغروبها: ولا يعتبر في رؤية الهلال اختلاف المطالع، فإذا رأى الهلال أهل بلد لزم سائر البلاد العمل بمقتضى هذه الرؤية فيصوم المصري برؤية المكي وبالعكس- عند جمهور الحنفيين ومالك وأحمد والليث بن سعد وروي عن الشافعي- لعموم الخطاب في حدث أبي هريرة أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" (الحديث) أخرجه أحمد والشيخان والنسائي والدارمي (?) {17}
وهذا خطاب عام لا يختص بأهل ناحية فالاستدلال به على لزوم رؤية أهل بلد لغيرهم من أهل البلاد أظهر من الاستدلال به على عدم اللزوم لأنه إذا رآه أهل بلد فقد رآه المسلمون فيلزم غيرهم ما لزمهم إذا ثبت عند الغير رؤية من رأى بطريق شرعي موجب للصيام كأن يشهد اثنان فأكثر أن قاضي بلد كذا شهد عنده اثنان برؤية الهلال في ليلة كذا وقضى بشهادتهما فلهذا القاضي أن يحكم بشهادتهما لأن قضاء القاضي حجة وقد شهدوا به. أما لو أخبر جماعة أن أهل بلد كذا رأوا هلال رمضان ليلة كذا فصاموا وهذا يوم الثلاثين بحسابهم فلا يباح لمن أخبروا بذلك فطر غد لأن أولئك الجماعة لم يشهدوا بالرؤية.