مخالفة لباس الناس لفقيه ولا غيره. وقد جعلت اليوم هذه الثياب للفقيه كأنها فرض عليه. ولا يمكن أن يقعد فى الدرس إلا بها. فإن قعد بغيرها قيل عنه مهين يتهاون بمنصب العلم لا يعطى العلم حقه، ولا يقوم بما يجب له، فانعكس الأمر ودثرت السنة ونسى فعل السلف، بفتوى من غفل أو وهم، واتباعها وشد اليد عليها لكونها جاءت فيها حظوظ النفس، وهى التميز عن الأصحاب والأقران، لأن من لبس ذلك الثوب عندهم قيل هو فقيه فيتميز إذ ذاك عن العوام. وهذه درجة لا تحصل له إلا بعد مجاهدة طويلة، حتى تحصل له درجة فضيلة تنقله ممن درجة العوام، فبنفس لبس تلك الثياب انتقلت درجته عنهم ورجع ملحوقا بالفقهاء فإنا لله وإنا اليه راجعون. صار الفقه بالزى دون الدرس والفهم. فاين هذا مما كان عليه الصحابة رضى الله عنهم والسلف من اللبس الموافق لفعل وقول صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم؟ وأن العالم إنما كان يعرف بينهم بحسن هدية لتخلقه بأخلاق نبيه صلى الله عليه وسلم (قال) عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه: العالم يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون أهـ {29}
(فأنظر) إلى قوله رضى الله عنه هل قال: العالم يعرف بوسع كمه وطوله ووسع ثوبه وحسنه؟