(وهذا) الباب هو الأصل الذى تركت منه السنن غالبا، أعنى اتخاذ عوائد يقع الاصطلاح عليها ويمشى عليها فينشأ أناس عليها لا يعرفون غيرها ويتركون ما وراءها فجاء ما قال صاحب الأنوار رحمة الله سواء بسواء: ويلكم يا معشر العلماء السوء الجهلة بربهم، جلستم على باب الجنة تدعون الناس إلى النار بأعمالكم فلا أنتم دخلتم الجنة بفضل أعمالكم، ولا أنتم أدخلتم الناس فيها بصالح أعمالكم، قطعتم الطريق على المريد، وصددتم الجاهل عن الحق، فما ظنكم غدا عند ربكم إذا ذهب الباطل بأهله. وقرب الحق أتباعه؟ أهـ.
(على أنه) لم ينقل عن أحد ممن مضى أنه كان لعلمائهم لباس يعرفون به غير لبأس الناس جميعا، لامزية لهم على غيرهم فى الثوب ولا فى التفصيل بل لباس بعضهم أقل من لباس الناس لتواضعهم وورعهم وزهدهم ولمعرفة الحق والرجوع إليه. ولفضيلة ذلك عند الشرع. والعالم أولى من يبادر إلى الأفضل والرجح فى الشرع، نعم سيدنا عمر رضى الله عنه قال: استحب للقارئ أن يكون ثوبه أبيض {28} يعنى يفعل ذلك توقيراً للعلم، فلا يلبس ثوبا وسخا ولم يقل أحد إنه يخالف لباس الناس بسبب علمه، فقد كان للإمام ثياب كثيرة يوقر بها مجلس الحديث حين كان يقرؤه. ولم ينقل عنه أنه كان فى غير مجلس الحديث إلا على العادة. وعلى كل حال لم يكن مخالفا لما امر به النبى صلى الله عليه وسلم، بخلاف لبس غالب علماء هذا الزمان. فإنه منهى عنه بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم المتقدم، وما ورد عنه عليه الصلاة والسلام من التأكيد فى لبس الخشن من الثياب إلا فى الجمع والأعياد (?).
ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم فى ذلك