(وكذا) قال غير ابن مسعود رضى الله عنه من الصحابة. ولما كان العلماء على هذه الأوصاف كانت لهم اليد العليا وانتفع الناس بهم، ووجدوا البركة والراحة على ايديهم.

(حكى) عبد الله بن أبى جمرة عن شيخه أبى الحسن الزيات أنه خرج إلى بستانه ليعمل فيه، لأنه كان من عادته يخرج لحائطه يعمل بيده، وإذا ببعض الظلمة أخذوه مع غيره فى السخرة لبستان السلطان، فمضى معهم وصار يعمل معهم إلى أن جاء الوزير لينظر ما عمل فى البستان، فوقعت عينه على الشبخ وهو يعمل فطأطأ على قدميه يقبلهما ويقول: يا سيدى ما جاء بك هنا؟ فقال: أعوانكم الظلمة. فقال يا سيدى عسى أنك تقِبلنا وتخرج فأبى. فقال له ولم؟ قال: هؤلاء إخوانى من المسلمين كيف أخرج وهم فى ظلمكم؟ لا أفعل ذلك. فسأله أن يخرج بهم فأبى. فقال له ولم؟ فقال له: غدا تأخذونهم إن كانت لكم بهم حاجة. فلم يخرج حتى تابوا إلى الله تعالى ألا يستعملوا أحداً من المسلمين ظلما أهـ.

(فأنظر) إلى بركة زى العالم إذا كان مثل زى الناس، وما يحصل لهم به من الخير. هذا فى واحدة. فما بالك بغيرها وغيرها. فلو كان على الشيخ إذ ذاك لباس يعرف به لم يؤخذ، فكانت تلك البركة تمنع عن هؤلاء المساكين الذين أخذوا فى ظلم السلطان.

(وعن) الفضيل بن عياض رحمة الله تعالى أنه قال: لو أن اهل العلم أكرموا أنفسهم، وشحوا على دينهم، وأعزوا العلم وصانوه وأنزلوه حيث أنزله الله تعالى، لخضعت لهم رقاب الجبابرة، وأنقادت لهم الناس وكانوا لهم تبعا وعز الإسلام وأهله، ولكنهم أذلوا أنفسهم ولم يبالوا بما نقص من دينهم إذا سلمت لهم دنياهم، وبذلوا علمهم لأبناء الدنيا ليصيبوا بذلك ما فى أيديهم، فذلوا وهانوا على الناس أهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015